• - الموافق2025/10/13م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
جيل أمريكي جديد يكتب نهاية الرواية الصهيونية

مع اقتراب الحرب في غزة من نهايتها بعد عامين من الدمار والاقتتال، تواجه الدولة العبرية تحديًا جديدًا لا يتجلى في ميادين المعارك، بل في ساحة الرأي العام الأميركي، حيث تتعرض مكانتها التقليدية بين الأميركيين لتآكل غير مسبوق، بحسب تقارير حديثة نشرتها صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست.

البيان/ القدس:مع اقتراب الحرب في غزة من نهايتها بعد عامين من الدمار والاقتتال، تواجه الدولة العبرية تحديًا جديدًا لا يتجلى في ميادين المعارك، بل في ساحة الرأي العام الأميركي، حيث تتعرض مكانتها التقليدية بين الأميركيين لتآكل غير مسبوق، بحسب تقارير حديثة نشرتها صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست.

لأول مرة منذ بدء رصد التوجهات الشعبية عام 1998، أظهر استطلاع للرأي أجرته نيويورك تايمز في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن نسبة الأميركيين المتعاطفين مع الفلسطينيين فاقت أولئك الذين يؤيدون الدولة العبرية. في حين كشفت واشنطن بوست أن غالبية اليهود الأميركيين يرون أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب خلال الحرب على غزة، و40% منهم يعتقدون أنها مارست أعمال إبادة جماعية.

تغير المزاج الشعبي ومؤشراته السياسية

لم تعد الانتقادات مقتصرة على الجامعات والأوساط التقدمية، بل امتدت إلى قطاعات أوسع، بما في ذلك بعض الدوائر المحافظة. ففي تحول لافت، بدأ شباب المسيحيين الإنجيليين ينظرون إلى إسرائيل كقوة قمعية لا كدولة محاصَرة، كما كان يُروج تقليديًا.

سياسيًا، انعكس هذا التغير على المواقف داخل الكونغرس الأميركي، حيث دعا عدد متزايد من الديمقراطيين، بمن فيهم المعتدلون، إلى إعادة تقييم الدعم العسكري غير المشروط للدولة العبرية.

"جيل غزة" وسرديات جديدة

يشبّه أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ميريلاند، شبلي تلحمي، ما يحدث بـ"جيل غزة"، على غرار "جيل فيتنام" في ستينيات القرن الماضي، مشيرًا إلى أن صور الحرب المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي رسمت صورة سلبية عميقة لإسرائيل يصعب محوها بمرور الزمن.

أما الكاتب الأميركي الصهيوني يوسي كلاين هاليفي، فأكد أن صورة الدولة العبرية فقدت "رائحتها الأخلاقية" في نظر العديد من الشباب الأميركي، حتى من غير المنخرطين في السياسة، مع تزايد الأصوات التي تشكك في شرعية الدولة اليهودية.

نافذة أمل أم ضرر دائم؟

رغم ذلك، يرى بعض المراقبين أن انتهاء الحرب ووقف الأعمال القتالية قد يشكل فرصة لإسرائيل لاستعادة جزء من تأييدها داخل المجتمع الأميركي. وتشير هالي صوفر، المديرة التنفيذية لمجلس اليهود الديمقراطيين في أميركا، إلى أن "مجرد وقف القتل قد يُعيد بعض الأميركيين إلى المواقف المؤيدة تقليديًا لإسرائيل".

ويعتمد هذا التفاؤل على متانة العلاقات الإستراتيجية بين واشنطن وتل أبيب، خاصة في مجالات الأمن والاستخبارات والتكنولوجيا. ويقول الباحث أفنير غولوف إن الدولة العبرية تظل "ركيزة مهمة في التنافس الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين"، وإن وجودها يخدم المصالح الأميركية في المنطقة.

انقسام الروايات واستحقاق الانتخابات

غير أن هذا التحالف يواجه تحديًا على صعيد "القيم المشتركة"، التي كانت تُعدّ أساسًا في العلاقة. فقد أفرز الاستقطاب السياسي في كلا البلدين روايتين متضادتين عن إسرائيل: واحدة ليبرالية تبرزها كملاذ لضحايا الاضطهاد، وأخرى يمينية تطرحها كجدار صد أمامي ضد التهديدات الإسلامية.

وفي هذا السياق، تبدو الانتخابات الصهيونية المقبلة عاملًا حاسمًا في إعادة تشكيل العلاقة مع واشنطن. ويشير غولوف إلى أن المظاهرات الأسبوعية ضد الحكومة الحالية تُظهر أن "الديمقراطية الإسرائيلية ما زالت حيّة"، ما قد يساعد في ترميم العلاقات مع الرأي العام الأميركي، في حال حدوث تغيير سياسي حقيقي.

معركة على الوجود

لكن هذه الجهود قد لا تكون كافية. ويقول موردخاي كلاين، من منظمة صهيونية يمينية في أميركا، إن "الانتقادات تحوّلت إلى كراهية لليهود بحد ذاتها، ولا أرى طريقًا سهلًا للخروج من هذا الوضع".

وفي خلاصة الموقف، يرى تلحمي أن الدولة العبرية لم تعد تواجه مجرد أزمة صورة، بل معركة وجودية على شرعيتها في أعين أقرب حلفائها، مؤكدًا أن "المعركة على الرأي العام الأميركي لم تعد مسألة علاقات عامة، بل تحوّلت إلى معركة وجود لإسرائيل".

 

أعلى