سورية: مجازر وحقائق!

سورية: مجازر وحقائق!

الحمد لله رب العالمين، والصَّـلاة والسَّـلام على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه، وبعد:

تعيش بلاد الشام المباركة أياماً عصيبة دامية، لم تقف عند حدود القتل اليومي والتدمير الدائم؛ بل تجاوزتها إلى عمليات اغتصاب جماعي مذل، ومذابح أليمة للأطفال الذين لا يعاديهم إلا منزوع الرحمة مترع بالغلِّ والحقد والغيظ.

ويتكاتف على تنفيذ هذه الجرائم نظام طائفي مستبد، مستند إلى عصابات وحكومات طائفية وباطنية، مستهين بكلِّ ما يُقال إنه عرف دولي، أو مبعوث أممي، أو قرارات عربية، ضاحك ملء فيه من جعجعات الدعم الكاذب، وصراخ قاعات المؤتمرات، والبطولات أمام المصورين!

وقد استمرت أحداث الشام حتى دخلت عامها الثاني متجاوزة بذلك ثورات أهل البلاد الذين سبقوها، وهذا يعني أن الخسائر البشرية والمادية ستزيد عن مثيلاتها في بلدان الربيع العربي، وقمين بهذه التضحيات أن تجعل ربيع الشام أجمل، وهو ربيع يستحق التضحية للخلاص من المجرمين الذين ورثوا الإجرام صاغراً عن صاغر، وسيورثونه - إن بقي لهم الحكم - سافلاً عن سافل!

ومع الخذلان الدولي والعربي لأهلنا في الشام، والاكتفاء بالكلام دون الفعل المؤثر، إلا أن التفاؤل حاضر في المسألة الشامية، ويزداد مع الأيام قوة وظهوراً، ومن ذلك:

1- ازدياد رقعة المعارضة الشعبية الشامية للنظام النصيري، وستتسع هذه الرقعة حتى تضمَّ إليها كبريات المدن الشامية التي تأخرت عن الانضمام للثوار، وإن لدمشق الفيحاء من التاريخ ما يجعلها أهلاً لحسم الموقف.

2- اتحاد مشاعر المسلمين في نصرة الشام وأهله، فقلما تجد مناهضاً للثورة الشامية راضياً بجرائم بشار، وأستثني من ذلك من اعتاد الانبطاح ولعق الأحذية!

3- انفضاح الفرق الباطنية والأحزاب الطائفية التي كانت تتخذ من المقاومة شعاراً تخدع به بعض المثقفين والمفكرين بله عامة الناس، فأي عذر لمن يسكت عن مذابح الشام ويسوغها أو ينكرها وهي أمام ناظريه؛ ثم يدبج الخطب في استنكار مواقف ناعمة لحكومات سنية ضد أبناء طائفته؟

4- تفاعل الحراك الشعبي المستقل مع الثورة الشامية في سبيل نصرتها بكل وسيلة ممكنة أو متاحة، وقد امتد هذا الحراك لأكثر بلدان المسلمين مع ما تعانيه بعض شعوبها من مآسٍ.

5- أن استصلاح الشام سيعود بالأثر الكبير على بلدان كثيرة مجاورة وغير مجاورة، وسيقمع أهل الضلالة ويلجئوهم لجحورهم وتقيتهم، وقد ورد في صحيح السُّنَّة من فضائل الشام خاصة في آخر الزمان ما يجعل تفاؤلنا بهذه الثورة يزداد.

ونسأل الله أن ينصر المسلمين في سورية ويخلصهم من استئساد الظلمة عاجلاً، وأن يجعل من الشام منارة للخير، ومنطلقاً للنصرة والجهاد، حتى يعود لأمة الإسلام عزها، ولشامنا وهجه وبهاؤه ومدارسه وعلماؤه وحضارته وحضوره الكبير في أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

 

أعلى