ماذا بعد هيمنة المتدينين على الجيش "الإسرائيلي"؟

ماذا بعد هيمنة المتدينين على الجيش "الإسرائيلي"؟



كشف الانقلاب الذي أدى إلى عزل الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي فـي مطلع يوليو 2013، عن أحد مظاهر التعاطي العنصري الانتقائي للصهاينة مع العرب والمسلمين. فقد برر قادة الكيان الصهيوني حماسهم الشديد للانقلاب بالقول إن قادة الانقلاب نجحوا فـي منع "المتطرفـين الإسلاميين" من السيطرة على أكبر الجيوش العربية، وهو ما كان يمكن أن يؤدي إلى المس باستقرار العالم والمنطقة. ومكمن المفارقة فـي هذا التعاطي يتمثل فـي حقيقة أنه يأتي فـي ظل المؤشرات التي تؤكد أن المتدينين الصهاينة يوشكون على الهيمنة على المواقع القيادية فـي الجيش "الإسرائيلي". ليس هذا فحسب، بل إن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يتباهى بحقيقة أن المتدينين اليهود باتوا يمثلون عماد الجيش الإسرائيلي، بعد عقود على هيمنة العلمانيين.

معطيات ذات دلالة

تعكس المعطيات المتواترة التي تصدرها شعبة القوى البشرية في الجيش "الإسرائيلي"، حجم وعمق تغلغل أتباع التيار الديني الصهيوني في المؤسسة العسكرية، لدرجة أنهم باتوا يشكلون نحو 60 ٪ من الضباط في الوحدات القتالية، رغم أن تمثيلهم في تعداد السكان لا يتجاوز 15 ٪. وتؤكد المعطيات أن عدد الضباط المتدينين في ألوية المشاة المختارة، زاد خلال العقدين الماضيين عشر مرات. ورغم أن الخدمة العسكرية في إسرائيل إلزامية، إلا أن الانتساب للوحدات المختلفة داخل الجيش هو أمر اختياري وطوعي. لكن في الوقت الذي يتراجع فيه العلمانيون عن التطوع للانتساب للوحدات المقاتلة وألوية الصفوة في الجيش "الإسرائيلي"، نجد أن المتدينين تحديداً يتطوعون بشكل جماعي للخدمة في هذه الوحدات وتلك الألوية.

شيئاً فشيئاً أصبح معظم قادة الوحدات المقاتلة من المتدينين، حيث غدا معظم القادة والمنتسبين للوحدات المختارة، مثل: "سرية وحدة الأركان"، و"أيجوز"، و"دوفيديفان"، و"يسام"، هم أيضاً من المتدينين. ليس هذا فحسب، بل إن المتدينين يحتكرون الخدمة فيما يُعرف بـ "سرايا النخبة" التابعة لألوية المشاة، فمثلاً 60 ٪ من القادة والمنتسبين لسرية النخبة في لواء المشاة "جفعاتي" هم من المتدينين. تغلغل المتدينين الصهاينة في المواقع القيادية للجيش دفع الجنرال يهودا دونيدينان، الذي كان مسؤولاً عن قسم "الشبيبة" في وزارة الدفاع، للقول: إن أتباع التيار الديني الصهيوني أصبحوا يشكلون "القوة الضاربة" للجيش. ولا يقتصر اندفاع المتدينين نحو المواقع القيادية في الجيش، بل أيضاً في الأجهزة الاستخبارية. فرغم أنه لا يُعلن عن هوية الذين يخدمون في الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، إلا أن التسريبات الصحافية تؤكد أن المتدينين أصبحوا يمثلون ثقلاً متصاعداً