دولة فلسطين .. فيتو أمريكي و تحذير سعودي

دولة فلسطين .. فيتو أمريكي و تحذير سعودي


أرسل الأمير السعودي "تركي الفيصل" للولايات المتحدة رسالة سياسية من خلال مقالة صحفية نشرتها صحيفة (نيويورك تايمز) كان ملخص هذه الرسالة بأن الإدارة الأمريكية إذا استخدمت الفيتو ضد مشروع الدولة الفلسطينية ستخسر تحالفها مع المملكة العربية السعودية.

وقال أيضاً في تصريحاته إن واشنطن ستخاطر بفقدان مصداقيتها المحدودة في العالم العربي إذا لم تقف مع مشروع الدولة الفلسطينية.

وأضاف الأمير "تركي" الرئيس السابق لجهاز المخابرات السعودي وسفير السعودية السابق في واشنطن في مقال انه في ظل حالة الغليان في معظم أنحاء العالم العربي سينظر إلى العلاقة الخاصة بين السعودية والولايات المتحدة بشكل متزايد على أنها ضارة من جانب الغالبية العظمى من العرب والمسلمين الذين يطالبون بالإنصاف للشعب الفلسطيني.

وبحسب الأمير "تركي الفيصل" فإن التأييد الأمريكي لهذا المشروع سيكون حيوي و أيضا له عواقب سلبية، بالإضافة إلى إلحاق ضرر كبير بالعلاقات الأمريكية السعودية وإثارة مشاعر السخط بين المسلمين في أنحاء العالم ستزيد الولايات المتحدة إفساد علاقاتها مع العالم الإسلامي وتدعم موقف إيران وتهدد استقرار المنطقة.

وقال الأمير السعودي ( فلنأمل أن تختار الولايات المتحدة طريق العدالة والسلام.) وبحسب المقالة التي نقلتها صحيفة القدس عن الصحيفة الأمريكية فإن السعودية ستضطر إلى إتباع سياسة خارجية أكثر استقلالية وحسما مما يهدد بالابتعاد عن السياسة الأمريكية بشأن العراق وأفغانستان واليمن.

وحذر الأمير "تركي" من انه في حالة استخدام الولايات المتحدة حق النقض لن تستطيع السعودية مواصلة التعاون مع أمريكا بنفس الطريقة التي تعاونت بها تاريخياً.

وتابع أيضا : لن تتمكن السعودية بعد ذلك من التعاون مع الولايات المتحدة بنفس الطريقة التي قامت بها تاريخيا. ونتيجة للاضطراب السائد في معظم أرجاء العالم العربي، فسيُنظر "للعلاقة الخاصة" بين السعودية والولايات المتحدة على أنها سامة من جانب الغالبية العظمى من العرب والمسلمين، الذين يطالبون بالعدالة للشعب الفلسطيني.

وربما سيضطر الزعماء السعوديون بسبب ضغوط محلية وإقليمية لتبني سياسة خارجية أكثر استقلالية وحزما. ومثل دعمنا العسكري مؤخرا للملكية في البحرين،وهو ما عارضته الولايات المتحدة، فربما تتبنى السعودية سياسات أخرى تتعارض مع السياسات الأميركية، بما في ذلك معارضة حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ورفض فتح سفارة هناك على الرغم من الضغوط الأميركية للقيام بذلك. وربما تتباعد الطرق بين الحكومة السعودية وواشنطن في أفغانستان واليمن أيضا.

الشعب الفلسطيني يستحق دولة وكل ما يستتبع ذلك :الاعتراف الرسمي، ودعم المنظمات الدولية، والقدرة على التعامل مع إسرائيل على قدم المساواة والفرصة للعيش بسلام وأمن.

وطالب المسؤول السعودي من الولايات المتحدة أن ترعى اتفاقية سلام حقيقية بناءاً على مبادرة السلام التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبد العزيز" وتشمل حل الدولتين المستند إلى حدود ١٩٦٧.

الابتزاز الأمريكي

ولم يبتعد الموقف الأمريكي كثيراً عن الموقف الإسرائيلي الرافض لمشروع الدولة الفلسطينية حيث صرح الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بان المسعى الفلسطيني لنيل اعتراف الأمم المتحدة بدولة مستقلة يعد خطوة لصرف الأنظار لن تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

وأوضح أن الطريق الوحيد لحل هذه المسألة يكمن في اتفاق إسرائيلي فلسطيني ليس إلا.

وأردف الرئيس "أوباما" يقول في لقاء مع صحفيين في البيت الأبيض الاثنين إن الفعاليات التي ستحصل في مقر الأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع القادم ستستقطب اهتماماً كبيراً من جانب وسائل الإعلام غير أنها لن تؤدي إلى تغيير الوضع على الأرض إلا بعد جلوس الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى طاولة المفاوضات.

وفي نفس السياق فقد غرد الاتحاد الأوروبي مع السرب الأمريكي في هذه القضية و أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "كاترين اشتون" أن الدولة الفلسطينية وفقا للموقف الأوروبي يتعين أن تقوم عبر المفاوضات وليس من خلال الأمم المتحدة.

جاءت أقوال "اشتون" هذه بعد أن غادرت مقر الجامعة العربية في القاهرة الليلة الماضية بعد عشر دقائق فقط من بدء أعمال الجلسة المغلقة للجنة المتابعة العربية بحضور رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس". وتناولت الجلسة النية الفلسطينية لنيل اعتراف الأمم المتحدة بدولة مستقلة.

ولم توقف الإدارة الأمريكية عملية الابتزاز التي تمارسها لصالح (إسرائيل) بحق الفلسطينيين فقد أطلق نائب زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي "اريك كانتور" الاثنين تهديدات للسلطة الفلسطينية بأن المجلس قد يصوت على وقف المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للفلسطينيين إن هم حصلوا من الأمم المتحدة على اعتراف بدولتهم.

وقال "كانتور" خلال مؤتمر صحافي إن موقف مجلس النواب هو إننا لا ندعم ولن ندعم، بأي شكل من أشكال المساعدة، كيانا يضم حماس والسلطة الفلسطينية، أو جهدا للحصول على إعلان أحادي الجانب للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة.

وأضاف أنّ النواب الأميركيين يدعمون أولئك الذين هم في الشرق الأوسط يدعمون السلام، ولكن هؤلاء النواب يعارضون قيام دولة فلسطينية "من دون ضمانات حقيقية لأمن(إسرائيل).

ويعتزم الفلسطينيون تقديم طلب الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة في 20 أيلول(سبتمبر) لكنهم لم يعلنوا إن كانوا سيفعلون ذلك عبر مجلس الأمن أم الجمعية العامة. وإن كان مجلس الأمن يتيح الحصول على العضوية الكاملة إلا أن ذلك سيواجه بفيتو أميركي. اما في الجمعية العامة فيمكن أن يحصل الفلسطينيون على وضع مراقب غير عضو مثل الفاتيكان، وهذا يتيح لهم الانضمام إلى منظمات مثل اليونيسكو ومنظمة الفاو والمحكمة الجنائية الدولية.

التداعيات السياسية

 تتلخص تداعيات الحصول على الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة العضوية وهذا مستبعد بسبب الفيتو الأمريكي بأن يتم اعتبار السلوك الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة غير قانوني ، وكذلك الاستيطان الإسرائيلي و يسمح القانون الدولي بفرض عقوبات على (إسرائيل) لإنهاء الاستيطان.

وكذلك تخشى حكومة الاحتلال بأن يتم اعتبارها دولة غازية بدلاً من دولة محتلة ، وسيكون لهذا الأمر اعتبارات سياسية وتداعيات على مستقبل المشروع الفلسطيني السياسي بحيث سيعطي الدولة الجديدة الحق في عقد اتفاقيات ومعاهدات مع دولة خارجية، وهذا ما يشكل كابوس بالنسبة (لإسرائيل).  ويقول الكاتب "صالح النعامي" في مقالة نشرها مؤخرا حول هذا الموضوع إن منح الفلسطينيين دولة سينزع الشرعية عن التواجد الإسرائيلي على الحدود الدولية لهذه الدولة وبذلك ستعتبر أي خطوة أمنية إسرائيلية على الحدود غير شرعية وفق القانون الدولي.

وكذلك وفقاً لخبراء القانون الدولي فإن دولة فلسطين سيكون من حقها سيكون رفع دعاوى جنائية أمام المحكمة الدولية ضد أي سلوك إسرائيلي ينتقص من سيادتها ضد القادة السياسيين والعسكريين في (إسرائيل).

ويؤدي الاعتراف الدولي أيضاً  من خلال العضوية الكاملة في الأمم المتحدة إلى تحويل التفاوض مع كيان سياسي لا يعترف به العديد من الدول إلى تفاوض مع دولة تتحصن بكل ما يمنحه القانون الدولي للدول الأعضاء من حقوق.

وإن عضوية الأمم المتحدة تعني مباشرة أن كل وجود إسرائيلي-سواء كمواقع عسكرية أو مراكز استيطانية أو منشآت اقتصادية أو سياحية، أو حتى طرق للمرور عليها أو أية مرافق أخرى- هو أمر غير قانوني، طالما أنه موجود دون موافقة السلطة السياسية القائمة في هذه الدولة الفلسطينية العضو في المنظمة الدولية.

وكان وزير الخارجية في حكومة رام الله رياض المالكي الثلاثاء أن عدد الدول التي اعترفت بدولة فلسطين بلغ  126 حتى الآن. ويتبقى اعتراف دولتين لتحصل فلسطين على ثلثي أصوات الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة.

 ومن المقرر أن يلقي رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 سبتمبر الجاري لتقديم طلب للأمم المتحدة للاعتراف بفلسطين.

وبحسب دراسة نشرها موقع الجزيرة نت فإن اعتماد السلطة الفلسطينية على الدعم المالي الأوربي والأميركي والعربي "المعتدل"، يجعل الموقف الفلسطيني قابلاً للتطويع أو لإعادة النظر لاسيما في اللحظة الأخيرة، وقد كانت آخر تجليات هذا الجانب في عجز السلطة الفلسطينية عن دفع رواتب موظفيها خلال شهر يوليو/تموز الماضي؛ فقد نقلت نيويورك تايمز عن "سلام فياض" إقراره بأن من أصل 971 مليون دولار تعهدت بها الدول المانحة لم يتسلم هذا العام سوى 330 مليون دولار (أي أقل من ثلث المطلوب)، وقد كشف لنا تاريخ الصراع العربي-الصهيوني أن التقتير المالي ليس إلا أداة ضغط سياسية تنتهي أحيانًا بلقاءات سرية تفتح المجال لتغيرات إستراتيجية.

فإذا أضفنا لذلك تأثير اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية، وقدرته على استثمار هذه الدول للضغط على العديد من الدول الإفريقية والآسيوية والأميركية اللاتينية، تزداد الصورة قتامة.

الانقسام الداخلي الفلسطيني بين فتح وحماس؛ فإلى جانب انتكاس المصالحة الفلسطينية، فإن انقسام السلطة الفلسطينية وعدم سيطرة أي من الطرفين على الإقليم الفلسطيني المفترض يجعل الطرف الإسرائيلي والأميركي يتكئ على انتفاء شرط وجود وحدة الإقليم ووحدة السلطة كأحد الشروط التقليدية لتعريف الدولة؛ ففي حالتنا هذه لدينا ثلاث سلطات في إقليم الدولة المقترحة لا يعترف أي منها بحدود إقليم الأخرى؛ فحدود الدولة الفلسطينية في التصور الإسرائيلي هي أقل كثيرًا من الحدود التي تفترضها السلطة، وحدود كل منهما لا تتسق مع حدود الدولة الفلسطينية في تصور حماس، كما أن الإقليم -كأحد أركان الدولة- خاضع لسلطات ثلاث، وهو ما يثير إشكالية سياسية مهمة.

فتياكان جديد

وجزء من المحاولات الأمريكية لوقف المشروع الفلسطيني في الأمم المتحدة،رفضت السلطة الفلسطينية مقترح تقدمت به فرنسا  بحصول السلطة الفلسطينية على عضوية دولة (مراقب) مثل الفاتكان.

وقال "رياض المالكي" وزير خارجية حكومة رام الله: هذا الطرح غير مقبول لدينا.. ولو أردنا أن نحصل على صفة مراقب نستطيع ان نحصل عليها في اي وقت ومتى شئنا, لكننا ذاهبون إلى مجلس الامن للحصول على عضوية كاملة وهناك غالبية تؤيدنا.

ووصف مراقبون اقتراح "ساركوزي" انه محاولة فرنسية لمنع الانقسام في الاتحاد الأوروبي حيث تقف فرنسا وبريطانيا وألمانيا ضد التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة فيما تقف غالبية دول أوروبا مع الفلسطينيين ضد الاحتلال .

ويتضمن الاقتراح السماح لدولة فلسطين بالعضوية في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي (ICC), ما سيتيح لهم مقاضاة (إسرائيل) على أية جرائم حرب أو اغتيالات ولكن ألمانيا التي تحرص على مصالح (إسرائيل) رفضت هذا البند، كما تتضمن الورقة الفرنسية أن تعترف (إسرائيل) ( نظريا ) بحدود دولة فلسطين على خط 1967 مع إدراج كلمة تبادل أراضي والاعتراف بأن (إسرائيل) دولة لليهود .

وفيما يتعلق بأمن (إسرائيل) يقول الاقتراح الإسرائيلي ورد بندين يستندان على رؤية الرئيس "أوباما" وليس الاقتراح الأوروبي، وان يعود الفلسطينيون للمفاوضات مع (إسرائيل) .

أحد الدبلوماسيين الغربيين الكبار قال : إن الاقتراح الفرنسي مجرد تكتيك يقضي برمي عظمة صغيرة للفلسطينيين لمنعهم من التوجه للأمم المتحدة ، ولكن هذا لن يمنع أبداً أن (إسرائيل) ستدفع ثمناً باهظاً في سبتمبر .

أعلى