• - الموافق2024/05/18م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
قد يفوز مودي في الانتخابات لكن الخسارة ستكون للهند

تشير حدة خطابات مودي الشعبوية إلى أنه وبعد 10 سنوات في السلطة، بدأت حيل حكومته تنفد لذلك فهو يسعى للتأكد من أن الناخبين الأساسيين لحزب بهاراتيا جاناتا - الهندوس الغاضبين والأصوليين - لن يتخلوا عنه


المصدر: الغارديان

بقلم: سليل تريباثي[1]

 

عندما ترشح ناريندرا مودي لمنصب رئيس الوزراء لأول مرة في عام 2014، كان هدفه الأسمى هو إقناع الناخبين بأنه رجل مختلف محاولا التخلص من إرثه عندما كان رئيس وزراء ولاية جوجارات الغربية، حيث ذُبح أكثر من 1000 شخص في مذبحة طائفية في عام 2002. (وجد تقرير للحكومة البريطانية أن مودي "مسؤول بشكل مباشر" عن عدم وقف قتل المسلمين؛ فقد نفى دائما مسؤوليته وبرأته المحكمة العليا من جميع التهم).

حاول مودي أن يصنع صورة لنفسه بأنه الرجل الذي سيحول الهند إلى طريق التنمية الاقتصادية للجميع. لكن سجله كرئيس للوزراء في العقد الماضي يكذب ذلك.

والآن في ترشحه الأخير للوصول إلى منصب رئيس الوزراء أسقط القناع تمامًا. ففي تجمع انتخابي عقد مؤخرا في راجستان، ألقى مودي خطابا تحريضيا استثنائيا ادعى فيه أن سلفه، مانموهان سينغ، أعلن أن المسلمين لديهم "المطالبة الأولى" بموارد الأمة. كان هذا تشويها ومبالغة. كان مودي يشير إلى خطاب ألقاه "سينغ" في عام 2006 عن أولويات التنمية في الهند.

لقد كان سينغ يتحدث عن الزراعة والري والموارد المائية والصحة والتعليم والاستثمار الحيوي في البنية التحتية الريفية كأولويات، وأضاف في حديثه للناخبين أن المجتمعات المهمشة - بما في ذلك النساء والأطفال والأقليات، "خاصة" الأقلية المسلمة - يجب "تمكينها من المشاركة بشكل منصف" في ثمار التنمية.

وبقوله "خاصة" المسلمين، أعطى فرصة لمنتقديه ليقولوا إنه كان يستفرد المسلمين بمعاملة تفضيلية. وفي جملته التالية، قال إن "هم" يجب أن يكون لهم الحق أولا في الموارد. تبع ذلك ضجة لا محالة، لكن الضرر قد وقع، واكتسب التفسير الأكثر سهولة أرضية واسعة بين الجماهير التي عبئت بالشعبوية.

 

تظل الحقيقة أن البطالة بين الشباب في أعلى مستوياتها على الإطلاق. وفقا لمنظمة العمل الدولية ، فإن 83٪ من العاطلين عن العمل في الهند هم في هذه المجموعة

وبدافع من الحسابات الانتخابية الساخرة في المقام الأول، كان خطاب مودي يهدف إلى تخويف الناخبين ودفعهم إلى الاعتقاد بأن حكومة حزب المؤتمر ستسعى وراء ثرواتهم. وأضاف مودي أنه سيحمي "الأمهات والأخوات" في الهند اللواتي تتعرض ثرواتهن للخطر، مشيرا إلى القلادة المقدسة المرغوبة التي ترتديها النساء المتزوجات للإشارة إلى حالتهن الزوجية.

وكان المعنى الضمني الذي أشار إليه مودي هو أن البرلمان الهندي إذ هيمن عليه حزب المؤتمر الهندي فسوف يأخذها ويعيد توزيعها على "المتسللين" وأولئك الذين لديهم المزيد من الأطفال - وهي إشارات مبطنة إلى المسلمين.

لقد لعب مودي على مخاوف الهندوس وإثارة نعراتهم الدينية، لقد كان خطيرا ومثيرا للانقسام بشكل صارخ. وبعد أن اشتكى آلاف الناخبين من أن خطاب مودي انتهك مدونة قواعد السلوك للانتخابات، سعت لجنة الانتخابات في الهند للحصول على رد من رئيس حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم. في إجراءات شكلية لم تردع ومودي ولا حزبه عن الخطابات التحريضية في كل مناسبة جماهيرية.

تشير حدة خطاب مودي إلى أنه بعد 10 سنوات في السلطة، بدأت حيل حكومته تنفد لذلك فهو يسعى للتأكد من أن الناخبين الأساسيين لحزب بهاراتيا جاناتا - الهندوس الغاضبين والأصوليين - لن يتخلوا عنه. لقد نفذ مودي العديد من القضايا المثيرة للجدل التي كانت على قائمة رغبات القوميين الهندوس: فقد أيدت المحكمة العليا قرار الحكومة بإلغاء الوضع الخاص لكشمير، وحظرت حكومته ممارسة المسلمين للطلاق وفقًا الشرعية الإسلامية لدى المسلمين وتم بناء معبد راما في أيوديا بعد أن حكمت المحكمة العليا لصالح الهندوس.

لكن على صعيد الإنجازات الاقتصادية فالوضع مختلف، صحيح أنه تم إدخال قطارات تعمل بشكل أسرع من القاطرات التقليدية. وهناك طرق سريعة فاخرة وطرق سريعة ذات رسوم مرور، على الرغم من أن بعضها به حركة مرور قليلة بالإضافة إلى الجسور والمطارات. وهي الأمور التي كانت محل إشادة من الأثرياء بـ"تطوير البنية التحتية" التي تخدم مصالحهم لذا فهم يستمرون في دعمه. ولكن تظل الحقيقة أن البطالة بين الشباب في أعلى مستوياتها على الإطلاق. وفقا لمنظمة العمل الدولية ، فإن 83٪ من العاطلين عن العمل في الهند هم في هذه المجموعة.

ويعد الجوع بين الفقراء مرضًا مزمنًا حيث يعتمد ما يصل إلى 800 مليون هندي على الحصص الغذائية المدعومة من الحكومة.

وفي حين يظهر عدد المليارديرات في قائمة فوربس لأغنى أغنياء العالم عددًا متزايدًا من الهنود، فإن عدم المساواة والعدالة تتفاقم بشكل كبير، فالهند اليوم لديها عدم مساواة أكبر في الدخل مما كانت عليه خلال خضوعها لبريطانيا، وفقًا لمختبر عدم المساواة العالمي.

والأسوأ من ذلك أن الولايات الجنوبية تشعر بالمرارة لأنها من المرجح أن تفقد نفوذها في البرلمان المستقبلي إذا أعادت لجنة ترسيم الحدود المقبلة رسم الحدود، وتكافئ الولايات الأكثر اكتظاظا بالسكان (عادة في الشمال).

كما أن نظام توزيع الضرائب أيضًا غير عادل، وفقا للولايات الجنوبية، التي تسعى لإقناع الحكومة الفيدرالية بأن تصرفاتها غير عادلة أو منصفة.

يؤكد أتباع مودي أنهم سيحصلون على أكثر من 400 مقعد من أصل 543 هذه المرة، ويعتبرون أن توقع أي نتيجة للانتخابات غير ذلك هو محض عبث. لقد بدت المعارضة يائسة إلى حد كبير - في إحدى الدوائر الانتخابية في ولاية غوجارات مسقط رأس مودي ، تم إعلان انتخاب مرشحه دون معارضة بعد رفض مرشح حزب المؤتمر بسبب تناقضات مزعومة في أوراقه -. مثل هذه الأحداث تشير إلى القلق من أن الأمور قد لا تسير كما هو مخطط لها ومن هنا جاء التخلص من القناع. ومن هنا جاء الخطاب الأخير الخطير بشكل علني.

في هذا الوقت وما كل تلك المؤشرات الخطيرة، يتحدث المسؤولون الهنود عن كرنفال الديمقراطية العظيم، ويشيد الكثيرون في الغرب بـ"أكبر ديمقراطية في العالم". (وبشكل أكثر دقة، فهي الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم التي تجري الانتخابات بانتظام). المصرفيون الغربيون ورواد تكنولوجيا المعلومات مشغولون بإغراء الهند وتعزيزها

لذا فلن  تحظى أية انتقادات معتدلة لما يحدث في الانتخابات الهندية بأي قدر من الاهتمام من وزارة الخارجية الأمريكية، ولن يلاحظ أحد الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين على سبيل المثال: فقد ألغي وضع الصحافية الفرنسية فانيسا دوغناك في الخارج (وهي متزوجة من هندي)، ومنعت المراسلة الأسترالية أفاني دياس وقيل لها إن تأشيرتها لن يتم تمديدها. ومنع نيتاشا كول، وهو أكاديمي بريطاني من أصل هندي، من دخول الهند.

 


 


[1] سليل تريباثي كاتب مقيم في نيويورك وعضو في مجلس إدارة نادي القلم الدولي.

 

أعلى