• - الموافق2025/06/17م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha

لا يتوقف خطر ميليشيا "أبو شباب" عند السلاح الذي تحمله، بل يتضاعف حين تختطف اللغة، وتُغتال رموز المقاومة التي صاغت وعي الأجيال وتزيّف المفاهيم التي قامت عليها القضية الفلسطينية.


في تطور صادم يحمل دلالات بالغة الخطورة، قامت إسرائيل مؤخرًا بتسليح ميليشيا ناشئة في قطاع غزة تُعرف باسم "جهاز مكافحة الإرهاب" على حد الإعلام العبري، أو "القوات الشعبية" على حد وصف الميليشيا نفسها، يقودها المدعو ياسر أبو شباب، الذي تحوّل إلى أداة خيانة وظيفية علنية في قبضة الاحتلال. هذا التحول ليس مجرد انحراف شخصي، بل يشير إلى تحول بنيوي في استراتيجية إسرائيل الأمنية، تقوم على تفريخ خصوم بدلاء، مُعاد تدويرهم، يخوضون معارك وكالةً عنها، ويعملون على تفكيك البنى الوطنية للمقاومة تحت غطاء مزيف وهو محاربة ما يصفونه بـ "الفوضى والإرهاب"، وفي هذا السياق، يصبح مشروع "ميليشيا أبو شباب" جزءًا من رؤية أوسع تتقاطع مع مفاهيم "الفوضى الخلاقة"، حيث تُستبدل سلطة وطنية موحدة أو مقاومة منظمة بمليشيات متناحرة، تفتك ببعضها نيابة عن تل أبيب. هكذا ستُدار غزة في زمن الانقسام، حيث لا يُمنح الاحتلال انتصارًا ميدانيًا مباشرًا، بل يُصنع انتصاره بهدوء، من داخل النسيج الفلسطيني نفسه. فكيف يتم إنتاج الأعداء البدلاء؟، وكيف تُستثمر ثقافة الانفلات الأمني كاستراتيجية تفكيك ممنهجة؟، وما الذي يعنيه صعود ميليشيا كهذه في قلب قطاع غزة اليوم، من حيث التبعات السياسية والعسكرية والاجتماعية؟

خيانة علنية وتواطؤ ممنهج

في ركام غزة المتناثر بين الحصار والانقسام، خرج اسم ياسر أبو شباب من الهامش إلى صدارة مشهد متأزم ومرتبك، لا بصفته مقاومًا أو زعيمًا سياسيًا، بل كأداة خيانة صريحة تقوم بتفكيك الداخل الفلسطيني وإعادة تشكيله على مقاس الأجندة الإسرائيلية، فهذا الخائن الذي كان ذات يوم جزءًا من النسيج الغزاوي، تحوّل إلى رمز للخيانة العلنية، بعد أن ارتضى أن يقايض انتماءه الوطني بعلاقة مشبوهة مع أجهزة الأمن الإسرائيلية، ليقود كتيبة مسلحة لا تعترف بأي مشروع وطني سوى تنفيذ ما يراه الاحتلال ضرورة تكتيكية لحماية أمنه.

في اللقطات القليلة التي شُوهِدَ فيها؛ يظهر ياسر أبو شباب، رجل نحيل أسمر البشرة في أوائل الثلاثينيات من عمره، عادةً ما يكون مرتديًا خوذة داكنة، وممسكًا ببندقية، وأحيانا وهو يلوّح بيده وسط حركة المرور بينما تتحرك خلفه مركبات الأمم المتحدة، في مشهد يروّج له كقائد لقوة محلية مكلفة ظاهريًا بحماية قوافل المساعدات الدولية في جنوب غزة، في حين تحدث تقارير عديدة أنه كان ينهبها ويبيعها في السوق السوداء، ينحدر أبو شباب من عائلة بدوية تتبع قبيلة الترابين في رفح، لكنه لم يكن يومًا جزءًا من أي مشروع وطني أو مقاوم، في 7 أكتوبر 2023م كان سجينًا في أحد معتقلات حماس بتهمة تهريب المخدرات والسرقة، قبل أن يُفرَج عنه مع اندلاع الحرب، ليتحوّل فجأة إلى فاعل أمني على الأرض. ومع تراجع قبضة الشرطة في غزة وتفشي أعمال النهب على قوافل المساعدات، بدأ أبو شباب يفرض وجوده على الطرق المؤدية إلى معبر كرم أبو سالم، ويوفر رجاله لمرافقة القوافل تحت لافتة الحماية، في وقت يختلط فيه السلاح بالإذعان، والمهمة الأمنية بالتواطؤ المكشوف، يختزل المشهد كيف يمكن أن يصعد الخونة إلى الواجهة.

 

ما تريده إسرائيل من خلال هذه الهندسة الأمنية الجديدة لا يتمثل في إحلال نظام جديد، بل في إدامة الـ "لا نظام". إنها لا تبحث عن سلطة بديلة، بل عن منع قيام أي سلطة حقيقية. وهنا تكمن خطورة مشروع "ميليشيا أبو شباب"

قبل عدة أشهر ومع تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة، قام أبو شباب ومعه مجموعة مسلحة قوامها نحو 100 عنصر، معظمهم ضباط سابقون في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، وقد تورطت هذه المجموعة في مهاجمة قوافل الإغاثة والمساعدات الداخلة إلى القطاع، لاحقًا حاولت حماس اغتياله دون نجاح، وأعدمت أحد مساعديه في يناير الماضي، وقبل شهر أظهرت تقارير أن عناصر من عصابته باتت ترافق قوافل المساعدات الأممية، مستخدمين أسلحة من طراز "AK-47" زوّدتهم بها إسرائيل، كما اتهمتهم حماس بالتعاون مع الجيش الصهيوني في تأمين الطرق وتفتيش المباني، وفي يونيو الجاري أعلن أبو شباب في بيان مسجّل أن جماعته تعمل "تحت السلطة الفلسطينية الشرعية"، ودعا سكان شرق رفح للعودة إلى منازلهم، متعهدًا بتوفير الحماية والمأوى، في حين تبرأت عائلته منه بشكل علني بعدما أكد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو رسميًا أن إسرائيل سلّحت جماعة أبو شباب.

ياسر أبو شباب؛ رجل بلا قاعدة شعبية أو شرعية انتخابية، ولا يحمل أي رمزية وطنية، وجد نفسه فجأة يُدير مناطق بعينها كـ "حاكم ظل" بتغطية إسرائيلية مباشرة، لديه أسلحة، وسيارات، وتجهيزات، وشبكة تنسيق سرّي مع الاحتلال، وهو ما جعله على استعداد لفعل كل شيء من أجل البقاء في المشهد، ولو على أنقاض القضية الفلسطينية ذاتها، هنا وجدت إسرائيل ضالتها، وعبر التنسيق الأمني السري، والدعم الاستخباراتي غير المعلن، أصبح أبو شباب واجهة لمشروع متكامل: إعادة إنتاج العدو من داخله، بملامح فلسطينية وسلاحٍ مُوَجَّه إلى القلب، ومع تآكل الثقة بين القوى الفلسطينية، بات السلاح المنفلت أكثر شرعية من التنظيم، وتحول الميدان من ساحة مقاومة إلى مسرح لتصفية الحسابات الداخلية، هنا بالضبط يتقاطع دور أبو شباب مع الرؤية الإسرائيلية طويلة الأمد القائمة على تفجير الداخل من داخله، وإغراق غزة في معارك جانبية تُغني الاحتلال عن المواجهة المباشرة، فلا حاجة لاجتياح بري واسع إذا كان بالإمكان زراعة أدوات وظيفية تؤدي الغرض ذاته بأيدي أبناء المنطقة أنفسهم.

أداة تفكيك بدلاً من المواجهة

ما يدعو للتأمل أن إسرائيل، التي لطالما رفعت شعار "لا شريك فلسطيني"، هي ذاتها من تصنع شركاءها اليوم وفق الطلب. فبدل أن تساهم في إنهاء الانقسام أو تسهّل مسار الوحدة، اختارت اللعب في مناطق الفراغ، فتبنت مشروع الميليشيات المتواطئة كبديل جاهز لأي سلطة شرعية أو مقاومة منظمة. إنها صيغة جديدة من الاستعمار بالوكالة، يُدار فيها الأمن الفلسطيني بعقيدة إسرائيلية، وتُعاد هندسة المجتمع الغزّي وفق موازين القوة والارتهان، وخطورة هذه الظاهرة لا تكمن في رجل واحد يُدعى ياسر أبو شباب، بل فيما يُمثّله من تحوّل خطير في بنية الصراع، حيث يختلط العميل بالمواطن، ويتحول المنشق إلى شرطي، وتُربّى الميليشيا كما تُربّى الحاضنات السياسية.

تبنّى استراتيجية التفكيك من الداخل تمثل تحوّلًا لافتًا في العقيدة الأمنية الإسرائيلية، حيث لا حاجة للدبابات إذا كان بالإمكان أن يتحول الفلسطيني إلى أداة ضد الفلسطيني، في هذا السياق تبدو "ميليشيا أبو شباب" كرأس رمح لمقاربة جديدة ترى في زرع الانقسام وتسليح الأطراف المتناحرة أكثر نجاعة من الدخول في حرب مستمرة لا تتوقف، لقد أدركت إسرائيل، خصوصًا بعد جولات المواجهة الأخيرة، أن كلفة الحرب تتضاعف حين تقاتل خصمًا موحّدًا، محصنًا ببنية تنظيمية مترابطة، ولذلك بدأت العمل على نزع هذه الحصانة من جذورها. لم يعد الهدف هو إسقاط حماس، بل تقويضها من الداخل، وتحويلها إلى كيان مستنزف، تائه بين الميليشيات المشبوهة والمواجهات الأمنية اليومية التي تستنزف مخزونها العسكري والسياسي والرمزي.

ما تريده إسرائيل من خلال هذه الهندسة الأمنية الجديدة لا يتمثل في إحلال نظام جديد، بل في إدامة الـ "لا نظام". إنها لا تبحث عن سلطة بديلة، بل عن منع قيام أي سلطة حقيقية. وهنا تكمن خطورة مشروع "ميليشيا أبو شباب"، إذ لا يُراد له أن ينتصر، ولا أن يبني كيانًا مستقرًا، بل أن يظل طفيليًا، ينهش في نسيج غزة، ويُبقي الجبهة الداخلية مفتوحة على احتمالات الانهيار المستمر، ويمكن تلخيص ملامح التحول الإسرائيلي الجديد في النقاط التالية:

* من المواجهة إلى الإنهاك: الانتقال من المواجهة المباشرة مع فصائل المقاومة إلى سياسة الإنهاك الهادئ، عبر أدوات داخلية تُدار من الخلف، تحت هذا المشهد تتحوّل ميليشيا أبو شباب إلى نسخة مشوّهة من جهاز أمني غير شرعي، يُربك ولا يُنظم، يُقاتل الداخل بدلًا من حماية الجبهة، ويُمثل إسرائيل حين تصمت إسرائيل عن الحضور المباشر.

* بديل عن الحرب: استبدال الحل العسكري التقليدي بمقاربة التفكيك الأمني، حيث تُستخدم كيانات محلية كأدوات تشويش ضد البنية السياسية والاجتماعية.

 

وما يفعله ياسر أبو شباب اليوم هو دور مكتمل في هذا المسرح: قيادة جماعة لا تملك مشروعًا، لكنها تملك الذخيرة. لا تطرح رؤية، لكنها تُشاغب الفوضى. أشبه بعنصر دخيل على معادلة الصراع، يؤدي وظيفته كما خُطط له

* تغذية السلطة الموازية: دعم أفراد مثل ياسر أبو شباب ليكونوا نواة لسلطات موازية تفتقر للشرعية، لكنها تمارس تأثيرًا فعليًا على الأرض، وفي نفس الوقت منع تشكّل أي بديل وطني جامع أو موحد، حتى لو كان هذا البديل غير مقاوم.

* استنزاف بلا ضجيج: تجنّب جلب انتقادات دولية أو ردود أفعال شعبية عارمة، كما يحدث في الحروب، من خلال الدفع بالسيناريوهات الداخلية المضلِّلة.

الفوضى الخلّاقة.. نظام الخراب المدبَّر

حين تتحدث المراكز الغربية عن "الفوضى الخلّاقة"، فإنها لا تشير إلى عبث عشوائي أو انهيار غير مقصود، بل إلى مشروع مُصمَّم بعناية لتفكيك الأنظمة القائمة، وزرع بدائل هشّة تُدار بالتحكم عن بُعد، وتُعاد هندسة المجتمعات من خلالها على أسس ضعيفة، بحيث تبقى قابلة لإعادة التشكيل كلما دعت الحاجة. وفي هذا الإطار، تتخذ إسرائيل هذه النظرية الغربية، وتُطوّعها في سياقها المحلي، كما لو أنها تستنسخ مختبرًا سياسيًا أمريكيًا داخل أزقة غزة، وظاهرة "أبو شباب" ليست شذوذًا عن هذا النمط، بل امتداد مباشر له. إذ ما يتم بناؤه على الأرض ليس منظومة أمن، بل هندسة فوضى، إذ لا وجود لتسلسل قيادي واضح، ولا شرعية مؤسسية، بل سلطة أمر واقع تتغذى من التفكك، وتستمد قوتها من غياب المرجعيات، وتزدهر في الفراغ السياسي، والغاية ليست السيطرة، بل الإبقاء على الحالة بين الحياة والموت، حيث لا تقوم دولة، ولا تنهض مقاومة.

هذه الفوضى المصنوعة ليست مجرد منتج داخلي، بل تصدير مباشر لسياسات نُفِّذت في العراق بعد الغزو الأمريكي، وفي سوريا خلال سنوات الحرب، وفي ليبيا عقب سقوط القذافي. تلك التجارب جميعها تُثبت أن انهيار الكيانات المركزية لا يؤدي إلى حرية الشعوب، بل إلى تفتتها بين أجنحة متصارعة، يختبئ العدو الحقيقي خلف أحدها، ويراقب من بعيد انهيار الجبهة التي كانت تُرهقه يومًا ما. في الحالة الفلسطينية، تجنح إسرائيل إلى صناعة الفوضى لا لأنها عدو للفلسطينيين فقط، بل لأنها تعجز عن احتواء مقاومة موحَّدة. لهذا، فإنها ترعى فصائل صغيرة متضادة، وتُروّج للقيادات التي لا مستقبل لها إلا في سياق الاضطراب. وهي بذلك تُعيد إنتاج معادلة حكم الأقليات الأمنية، التي تعتمد على تفتيت الأكثرية وتجزيء قرارها السياسي، بحيث لا يعود للصوت الجمعي أي تأثير.

وما يفعله ياسر أبو شباب اليوم هو دور مكتمل في هذا المسرح: قيادة جماعة لا تملك مشروعًا، لكنها تملك الذخيرة. لا تطرح رؤية، لكنها تُشاغب الفوضى. أشبه بعنصر دخيل على معادلة الصراع، يؤدي وظيفته كما خُطط له، وقد استفادت إسرائيل كثيرًا من هذا النموذج؛ فهي في لحظة الفوضى لا تظهر كقوة قمعية، بل كـ "طرف محايد" يدعو إلى ضبط النفس، ويُبرّر الحصار بكونه ضروريًا لمنع السلاح من الوصول إلى الجهات الخطأ، والفوضى الخلّاقة هنا ليست نتيجة طبيعية للانقسام، بل مشروع منظَّم لإدامته. والميليشيا التي يصنعها الاحتلال ليست ضحية لانهيار الدولة، بل صنيعة مخطّط يرى في انهيار الدولة غاية بحد ذاته. أما الشعب الفلسطيني، فيُترك وحيدًا يتخبّط داخل متاهة، صُمِّمت جدرانها في تل أبيب، ورُسمت خرائطها في واشنطن.

اختطاف المفاهيم

لا يتوقف خطر ميليشيا "أبو شباب" عند السلاح الذي تحمله، بل يتضاعف حين تختطف اللغة، وتُغتال رموز المقاومة التي صاغت وعي الأجيال وتزيّف المفاهيم التي قامت عليها القضية الفلسطينية. فالمعركة هنا لم تعد تدور فقط حول الأرض أو السيادة، بل حول المعنى ذاته:

* تزييف السردية الوطنية: تتحدث ميليشيا أبو شباب بلسان يزعم محاربة التطرف، وتتبنى سردية الاستقرار كذريعة لتبرير تموضعها، وهي بذلك تُعيد إنتاج الخطاب الإسرائيلي الذي طالما وصف المقاومة بالإرهاب، واعتبر التصدي للاحتلال تهديدًا للأمن. ما يتكرر هنا ليس جديدًا، بل هو نفس القالب الذي استخدمته الأنظمة المتعاونة مع الاحتلال الأمريكي في العراق، حين رُوّجت ميليشيات الصحوات باعتبارها أدوات لحماية المجتمع، بينما كانت تُصفّي مقاومته.

* صناعة قادة مزيّفين: يُعاد تقديم ياسر أبو شباب عبر أدوات إعلامية مشبوهة، لا كعميلٍ صغير بل كـ "قائد ميداني" و"صاحب قرار"، وهو أسلوب لطالما استخدمته أجهزة المخابرات في أكثر من ساحة، لتضليل الجماهير، كما حصل في جنوب لبنان أثناء الاحتلال الإسرائيلي، حين جرى تصنيع رموز "جيش لحد" بوصفهم حماة للقرى لا عملاء. هذه التقنية تلعب على إرباك الوعي الشعبي، وتغرس الشك في الثوابت.

* استقطاب الشباب عبر شعارات مشوهة: الأخطر أن هذا الخطاب الزائف ينجح أحيانًا في استدراج عناصر فلسطينية شابة، عبر سرديات ملتبسة عن الواقع والاعتدال والمصالح الوطنية. هنا لا تُستخدم القوة العسكرية فقط، بل أدوات الثقافة والإعلام والتمويل، لصناعة تيار مشوَّه يقاتل عن غير وعي في معركة تقودها تل أبيب، ويُقنِع نفسه بأنه يعمل من أجل فلسطين.

مشهد معقّد ومصير مجهول

تقف غزة اليوم على حافة مشهد معقد، تعصف به التحديات من كل اتجاه. فالمقاومة تجد نفسها محاصَرة بين جبهات داخلية مستحدثة، لا تتيح لها التفرغ لمعركتها المركزية ضد الاحتلال الصهيوني، في حين تبدو السلطة عاجزة عن ضبط الأمن أو احتواء التفكك. وبين هذا وذاك، تنمو في الظلال ميليشيات لا تنتمي للمشروع الوطني الفلسطيني، بل تتغذى على التمويل الخارجي وتتحرك وفق أجندات الاحتلال، تضيّق الخناق على ما تبقى من وحدة فلسطينية مناضلة.

بهذا تغدو غزة ساحة تُدار فيها الصراعات بالوكالة، وتُشكَّل فيها التحالفات على حساب الثوابت، وتُهمَّش فيها أي رؤية وطنية جامعة، ولذلك فإن التحدي الحقيقي لا يكمن في صدّ هذه الميليشيا أو غيرها بقدر ما يكمن في استعادة المبادرة الوطنية، وتفكيك البنى الطفيلية التي تغلغلت في الجسد الفلسطيني.

أعلى