• - الموافق2024/05/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
العلمانيون اليهود يسعون لتدمير الأقصى

العلمانيون اليهود يسعون لتدمير الأقصى


انضمام قطاع واسع من العلمانيين اليهود للمطالبين بتدشين الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى يحمل دلالات بالغة الخطورة. صحيح أن ما تقوم بها الجماعات اليهودية الدينية وما تنسجه من مخططات للمس بالحرم يُعدُّ بالغ الخطورة بحد ذاته، لكن انضام العلمانيين الصهاينة لهذا الجهد يزيد من خطورة ما يتعرض له الأقصى بشكل غير مسبوق.

وقد دلت تركيبة اليهود الذين شاركوا في عمليات الاقتحام الأخيرة للحرم على أن نسبة كبيرة منهم من العلمانيين، حيث سمح تحقيق نشرته صحيفة "معاريف" مؤخراً بإطلالة كافية تدلل على زيادة دور العلمانيين في عمليات الاقتحام، ويوضح التحقيق أن مطالبة كثير منهم بتدمير الحرم من أجل إفساح المجال أمام بناء الهيكل لا تقل حدَّة عن مطالبة اليهود المتدينين بذلك.

ومما لا شك فيه أن هذه الظاهرة تعني أن المطالبة بتدمير المسجد الأقصى باتت تشكل محور إجماع بين الصهاينة علمانيين ومتدينين، وهذا ما يولد روافعَ ضغط إضافيةً على  القيادة السياسية الصهيونية للإقدام على مزيد من الخطوات التصعيدية في الحرم، مع العلم أن هذه القيادة تراعي اعتبارات العلاقة مع بعض الدول العربية.

في الوقت ذاته، فإنه على الرغم من أن الكيان الصهيوني يدَّعي أنه معني بمواصلة الأردن الاضطلاع بدور في الحرم القدسي الشريف، إلا أن أوساطاً صهيونية، بعضها رسمي، باتت تطالب بوضع حد للدور الأردني في الحرم؛ بل إن هناك من بات يطالب بإلغاء هيئة الأوقاف الإسلامية.

ولو أخذنا على سبيل المثال ردة فعل رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست آفي ديختر على  تحذير ملك الأردن عبد الله الثاني من مغبة تقسيم المسجد الأقصى، وتأكيد ديختر أن إسرائيل لن تسمح لأحد بالتدخل بآلية سلوكها في الحرم، فإن هذا يدلل على أن المستوى الرسمي الصهيوني يسمح في النهاية بهامش مناورة محدود أمام القيادة الأردنية في كل ما يتعلق بالحرم.

وهناك في تل أبيب من شكك في الدور الأردني واعتبر أن عمان تحركت تحت ضغط الشارع الأردني، عشية الانتخابات البرلمانية هناك، حيث نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" في عددها الصادر الجمعة الماضي عن مصادر رسمية صهيونية قولها إن الحكومة الأردنية رفعت صوتها بشأن الممارسات الصهيونية في الحرم من أجل قطع الطريق على توظيف موضوع الحرم من قبل الإسلاميين في الانتخابات.

في الوقت ذاته، ولأول مرة باتت الجماعات الإرهابية اليهودية التي تطالب بتدمير المسجد الأقصى تجاهر بمطالبتها بإلغاء مؤسسة الأوقاف الإسلامية في القدس. وقد كتب نوعم سيغل، أحد أبرز  نشطاء الهيكل الصهاينة مقالا في صحيفة "ميكور ريشون" عدد فيه الأسباب التي تدعو لإلغاء مؤسسة الأوقاف ولطرد أفراد الشرطة الأردنية من المكان.

 وفي السياق ذاته لا يمكن تجاهل حقيقةِ أنه ولأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني، حصلت الجماعات اليهودية التي تطالب بتدمير المسجد الأقصى على تمثيل رسمي في النظام السياسي الصهيوني.

وقد بات الحاخام يهودا غليك، الذي يعتبر الأكثر حماساً لفكرة تدمير المسجد الأقصى يشغل مقعداً في البرلمان على قائمة حزب الليكود الحاكم. وهناك ما يدلل على أن ممثلي حركات الهيكل الصهيونية ستحصل على مزيد من التمثيل داخل البرلمان بعد الانتخابات القادمة، وقد يصل ممثلوها للحكومة ذاتها، وهو ما يعني إحداث تغيير جوهري على الأجندة الصهيونية المتعلقة بالأقصى.

مع الأسف، فإن هناك انطباعاً صهيونياً سائداً بأن العلاقات مع العالم العربي لم تعد تتأثر بالممارسات الصهيونية تجاه الشعب الفلسطيني ومقدسات الأمة، ويكاد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو لا يفوِّت فرصة دون التأكيد على هذا المعنى بشكل غير مباشر.

 وتؤكد كثير من الممارسات العربية الرسمية على صعيد العلاقة مع الكيان الصهيوني صوابية هذا الانطباع، حيث إن هذه الممارسات وصلت إلى حد التطبيع العلني والفج. ومما لا شك فيه أن هذا يشجع الصهاينة على مواصلة هذا النمط من السلوك تجاه المقدسات الإسلامية

من هنا على الرغم من كل ما قيل ويقال حول تعاظم مظاهر العدوان الصهيوني على الحرم القدسي الشريف حتى الآن، فإن أحداً لم يتمكن من الوقوف على حجم المخاطر التي يتعرض لها الحرم، في ظل بروز مزيد من مصادر التهديد الصهيوني عليه إلى السطح مؤخراً، كما بيَّنا آنفاً.

وفي ظل حالة الصمت العربي الرسمي، وفي الوقت الذي تنشغل فيه قيادة السلطة بالتعاون الأمني مع الاحتلال وتتلهى الفصائل، وضمنها المقاومة، بمهزلة الانتخابات المحلية، فإن الصهاينة يبدون تصميماً متزايداً لتغيير الواقع في الحرم وصولاً إلى تدميره بشكل كامل وتدشين الهيكل المزعوم.

لا يحق لأحد الادعاء بأنه لا يعلم ولا يعي ما يقوم به الصهاينة من جهود تهدف للتمهيد لتدمير الحرم القدسي الشريف، فالعنوان بات مكتوباً على الجدار بشكل واضح. وبخلاف الانطباع السائد، فإن الدول العربية لديها كثير من الأوراق السياسية والدبلوماسية التي بإمكانها أن توظفها من أجل ردع القيادة الصهيونية عن الإقدام على أية خطوة يمكن أن تغير الواقع في الحرم، وهناك حاجة ماسة لتوظيف هذه الأوراق قبل فوات الأوان.

قناة البيان المرئية

 

أعلى