النخبة التقية لدينا

النخبة التقية لدينا

 

يوسي كلاين - "هآرتس"
 

 إن المتدينين القوميين خطيرين، أخطر من حزب الله، وأكثر من السائقين الدهاسين والبنات اللواتي تحملن مقصات. يمكن إحباط العرب، أما هم فلا.

 ما الذي يريدونه؟ السيطرة على الدولة وتنظيفها من العرب. إذا سألتم فسوف ينكرون. انهم يعرفون انه لا يزال من المبكر أن يكونوا واضحين. لا تصدقوا نفيهم. القومية الدينية لديهم هي قومية متطرفة، مغطاة بالتقوى الورعة. إنها تتغلغل في الجهاز التعليمي، تتعزز في الجيش وتؤثر على المحكمة العليا، إنهم في الطريق الينا.

إنهم ينعتون أنفسهم باسم "الصهيونية الدينية"، يقطر منهم الزيت الصافي والسكر والعسل. هذا هو درعهم، برعايته يرتكبون أعمال مشينة فيما تنظر عيونهم إلى السماء. انهم يركزون في عملهم، ولا يهمهم الا السيطرة والطرد. قولوا لهم "فجوات اجتماعية"، فيتثاءبون، تحدثوا معهم عن أزمة السكن، فيضحكون بسخرية.

أزمة سكن؟ ليس لديهم، انهم لن يدعون محرومي السكن للإقامة في المنازل الجميلة التي بنوها بدون أي مقابل. انهم لا يريدونهم هناك. هم النخبة، والنخبة لا تريد مثل هؤلاء الجيران. لقد تغيرت النخبة ولكن لم تتغير الطريقة: الاشكناز في الأعلى، الشرقيين في السفل. انهم لن يختلطوا بالشرقيين. ليس من المؤكد أن زوجة سموطريتش ستوافق على الولادة بجانبهم.

من السهل جدا شراء أصواتهم، امنحوهم الاراضي المصادرة وستحصلون عليهم. امنحوهم الميزانيات وستشترونهم. امنحوهم الترانفسير وسيكونون لكم إلى الأبد. انهم يخلصون لمن يعطيهم. سيدعمون قوانين الاتصالات الصارمة، مجمعات غاز خنازيرية، محكمة عليا عاقر. انهم يُرقصون رئيس الحكومة على اصبعهم الصغرى، والوزراء كالدمى على حبل.

الآن، حين سيدخلون بعد لحظة إلى بيوتنا، يزيلون الأقنعة. انهم لا يحتاجونها بعد. إنهم واثقون بأنفسهم، لكنهم لا يزالوا حذرين. ذات مرة لم يقولوا شيئا. اليوم ينادون بالضم بصوت عال، لكنهم يفكرون بالترانسفير بصمت. وغدا سينادون بالترانسفير بصوت عال، وسيفكرون بما فكر به أعضاء التنظيم السري اليهودي.

عندما يتم طردهم من ارض مسروقة، يتذكرون "الديموقراطية" ويتمسكون بـ"حقوق الإنسان". اليوم، يقولون "ديموقراطية" ويغمزون، وعندما تفلت منهم كلمة "حقوق الإنسان" يصابون بالحرج. الكذب لديهم هو اسلوب حياة، الخداع هو مبدأ، لقد هودوا الديموقراطية وحقوق الإنسان حسب شريعة التوراة. قولوا منذ الآن: الديموقراطية للشعب اليهودي فقط، وحقوق الانسان للشخص اليهودي.

الآن، حين أصبحوا لا يحتاجون الينا، تخلصنا والحمد لله، من "محبة اسرائيل" الزائفة، و"المستوطنات في القلوب" الخيالية لديهم. لقد سالت اطنان من المحبة الزائفة والمودة الخيالية على رؤوسنا كمطر من العصير الحلو جدا. الان عندما أصبحوا تماما على عتبة البيت، ما عادوا يتقنعون. بالنسبة لهم، أصبحنا زائدين. نحن "التعددية" و"الليبرالية" و"الانفتاح"، وهي الكلمات التي تنبعث منهم باشمئزاز كما لو كانوا يبصقون على عنب فاسد. هكذا يتحدث ايلي سدان ويغئال ليفنشتاين. انهم مثال الغطرسة، البر، العجرفة والجهل. حسنا، ليسوا كلهم هكذا هناك. فالمقصود جماعة من الأصوليين السياسيين المستعدين للتضحية بي لأنه هكذا امرهم الله في الحلم.

لدي ما هو مشترك مع شعب الأسكيمو أكثر مما مع أمثال ريكلين وسيغل وكل ما يمثلونه. ما الذي يجمع بيني وبين سموطريتش؟ ما الذي يجمعني بيسرائيل هرئيل؟ وما بيني وبين من يطلب الحرية لنفسه على حساب حرية الآخر؟ ما الذي يجمعني بمن قال: حسنا، سيتأقلمون في النهاية. انه لم يقصدنا نحن، لكننا نحن الذين سنتأقلم. نحن أبطال العالم في التأقلم. لقد تأقلمنا مع سلب حريات الفلسطينيين؛ وإن كان الأمر كذلك، فلماذا لا نتأقلم مع سلب حرياتنا؟ يجب أن يتم التعامل مع "الحرية" كما تم التعامل مع "السلام". قولوا منذ الآن ليس من "العبودية إلى الحرية"، وإنما من "الحرية الى السيادة".

هل توجد فائدة من الحوار. لا. لقد أصبح الأمر متأخرا. كان الأمر ممكنا، لو كانت قوميتهم تنفصل عن يهوديتهم. لكن الأمر لم يعد ممكنا الآن. فقد اندمجا وانصهرا ببعضهما البعض. القومية عالمية، اليهودية عرقية. يمكن مجادلة قوميتهم، أما بالنسبة لليهودية، فهناك صيغة واحدة فقط بالنسبة لهم: صيغتهم.

يهوديتهم تلغي كل يهودية أخرى، حتى يهوديتي. من يمكنه جسر الهوة العميقة بيننا؟ الصواريخ فقط، التي ستجعلنا نركض الى الملاجئ اولا، وبعد ذلك الى مراسم احياء الذكرى.

أعلى