• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الوقف والحضارة الإسلامية

الوقف والحضارة الإسلامية


إن الوقف يعدُّ مفخرة من مفاخر الإسلام، حيث نشأ وتطور في ظل الحضارة الإسلامية، وقد عَرفت الأوقاف منذ عهد النبوة وعبر العصور الإسلامية نموّاً وتنوّعاً واتساعاً، فشمل كل ما يعتمد عليه الناس في معيشتهم وحاجاتهم الأساسية، ولم يقتصر على العناية بفئات المجتمع فحسب، بل وصل خيره وبره غير البشر من الدواب والطيور وغيرها مما لم يُعرف في حضارة سابقة أو معاصرة.

ومن قرأ تأريخ الوقف سيرى بوضوح أن الدول والحضارات ارتبطت بالوقف ارتباطاً وثيقاً من حيث النهضة والانحطاط والتقدم والقوة وضدها، وكم كانت الشعوب والأمم في اطمئنان اقتصادي واستقرار اجتماعي في ظلاله.

وفي هذه المقالة عرضٌ مختصر يبيّن مدى ارتباط الوقف بالحضارة واعتمادها - بعد الله - عليه.

تعريف الوقف:

الوَقْف لغةً: بفتحٍ فسكون: مصدر وقَفَ الشيء وأوقفه، يقال: وقف الشيء وأوقفه وقفاً أي حبسه، ومنه: وقف داره على الفقراء لأنه يحبس الملك عليهم، قال ابن فارس: «الواو والقاف والفاء أصل واحد يدل على تمكث في الشيء يقاس عليه»[1]، ومن هذا الأصل المقيس عليه يؤخذ الوقف، فإنه ماكث الأصل. فالوقف لغة: الحبس، والوقف والتحبيس والتسبيل بمعنى واحد، وهو: الحبس والمنع[2]، يقال: وقف وقفاً أي: حبسه، وشيء موقوف، والجمع وقوف وأوقاف مثل ثوب وأثواب ووقت وأوقات.

والفصيح أن يقال: وقفت كذا – من دون الألف – ولا يقال: أوقفت – بالألف – إلا في لغة تميمية وهي رديئة، وعليها العامة، وهي بمعنى سكت وأمسك وأقلع[3]. والحُبْس: بضم الحاء وسكون الباء بمعنى الوقف، وهو كل شيء وقفه صاحبه من أصول أو غيرها، يحبس أصله وتُسبل غلته[4].

والفقهاء يُعبّرون أحياناً بالوقف وأحياناً بالحبس، إلا أن التعبير بالوقف عندهم أقوى. وقد يُعبّر عن الوقف بلفظ الصدقة بشرط أن يقترن معها ما يفيد قصد التحبيس[5]. وجمع الحبس: حُبُس - بضم الباء - كما قاله الأزهري، وأحبُس بالألف أكثر استعمالاً من حبس[6]، على عكس (وَقَفَ)، فالأولى فصيحة، والثانية رديئة. أما التعريف الاصطلاحي للوقف: فقد جاءت تعريفات الفقهاء للوقف متباينة، ويُعزى ذلك إلى الاختلاف في بعض شروط الوقف؛ فقد عرّفه الحنفية بأنه عبارة عن: «حبس المملوك عن التمليك من الغير»[7]. وعرّفه المالكية بقولهم: هو «إعطاء منفعة شيءٍ مدةَ وجوده، لازماً بقاؤه في ملك معطيها، ولو تقديراً»[8]. وعرّفه الشافعية بأنه: «حبس مالٍ يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح»[9]. وعرّفه الحنابلة بأنه: «تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة»[10]. والتعريف الأخير أجودها، إذ هو مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر - رضي الله عنه -: «احبس أصلها وسبل ثمرتها»[11]، «ويقصد بذلك حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد، والتصدق بالمنفعة على الفقراء أو على وجه من وجوه البر»[12].

الفرق بين الوقف والوصية:

يختلف الوقف عن الوصية في جملة أمور، ملخصها فيما يلي:

- الـوصيــة: التبرع بالمال بعد الموت. أما الـوقــف فهو: تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، حال الحياة.

- في الـوصيــة: يجوز لصاحبها أن يرجع عنها، وأن يغيّر فيها ما لم يكن في مرض موته؛ لأنها ملك له. أما الـوقــف: فلا يجوز الرجوع عنه، ولا يحق له أن يُغير فيه؛ لأنه ملكٌ لله تعالى.

- لا تتجاوز الوصية الثلث، إلا بإجازة الورثة. أما الـوقــف: فيجوز أن يتجاوز الثلث، مع ضرورة مراعاة عدم الإضرار بالورثة.

- الـوصيــة: لا تجوز لوارث، إلا بإجازة الورثة. أما الـوقــف: فيصح على وارث.

- في الـوصيــة: الموصى له يمتلك العين والمنفعة فله أن يتصرف بالعين كما يحب. أما في الوقف: فالموقوف عليه يتملك المنفعة دون العين، فلا يجوز له التصرف بعين الوقف مطلقاً.

التأصيل الشرعي للوقف:

الوقف من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، وهو مندوب الفعل، سواء كان وقفاً على جهة من الجهات العامة، كالفقراء، وطلبة العلم، أو وقفاً على القرابة والذرية؛ دلَّت على مشروعيته نصوص عامة من القرآن الكريم، وفصَّلته أحاديث من السنة المطهرة، وعمل به الصحابة رضي الله عنهم، وأجمعت الأمة من السلف والخلف على مشروعيته. ومما يدل عليه من القرآن الكريم: قول الله جل وعلا: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [آل عمران: 92]. وقد جاء في الصحيحين، عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيِرُحاء[13]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أُنزلت هذه الآية: «لن تنالوا البر...» قام أبو طلحة، فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: «لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون» وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَخْ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين». فقال: أفعلُ يا رسول الله. فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه)[14]. ويدل عليه أيضاً عموم الآيات التي تحث على الإنفاق، وبخاصة صدقة التطوع، وقد تكررت في القرآن الكريم آيات كثيرة في هذا المقام، منها على سبيل المثال لا الحصر: قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْـمُتَّقِينَ} [آل عمران: 115]. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْـخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [الحج: ٧٧]. وغيرها من آيات الحث على البر التي تشمل الوقف باعتباره من أمثل وجوهها وأبوابها[15].

وأما نصوص السنة المطهرة الدالة عليه المرغبة فيه فكثيرة: حيث ثبت الوقف بقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره[16] بما ورد في شأنه من أحاديث عدة، منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً واحتساباً فإن شبعه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة حسنات»[17]. وحديث وقف عمر رضي الله عنه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: «إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، غير أنه لا يباع أصلها، ولا يبتاع، ولا يوهب، ولا يورث»[18]، وقد قال الحافظ ابن حجر في هذا الحديث: (وحـديث عمـر هـذا أصل في مشـروعية الوقف)[19]. وخبر شراء عثمان بن عفان رضي الله عنه بئر رومة ووقفه لها[20]. وحديث وقف طلحة بن عبدالله رضي الله عنه، وأَمْرِ الرسول صلى الله عليه وسلم له بذلك[21]. ويستدل له كذلك بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة الجارية، من مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له»[22]. وأما فعل النبي صلى الله عليه وسلم للوقف فقد ابتدأ بمسجد قباء، ثم المسجد النبوي، كما أوقف صلى الله عليه وسلم سبعة حوائط لرجل من اليهود يدعى مخيريق، قتل يوم أحد، وكان قد أوصى بأنه إن أُصيب فأمواله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعها حيث أراه الله[23]. وإما إقراره فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله»[24].

أما الإجماع: فقد صرّح غير واحد من أهل العلم بأن إجماع الصحابة منعقد على صحة الوقف، فقد ذكر صاحب المغني «أن جابراً رضي الله عنه قال: «لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا وقف»، وهذا إجماع منهم، وقد اشتهر ذلك ولم ينكره أحد، فكان إجماعاً»[25].

وقد ظهر اتفاق الصحابة رضوان الله عليهم على مشروعية الوقف، حتى إنهم رضوان الله عليهم سارعوا في الوقف رغبة في الثواب العظيم من الله تعالى، قال الشافعي رحمه الله: بلغني أن ثمانين صحابياً من الأنصار تصدقوا بصدقات محرمات»[26]. وكان الشافعي رحمه الله يسمي الأوقاف الصدقات المحرمات[27].

ومذهب جمهور العلماء يؤكد الإجماع على الوقف منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة والتابعين وعلى مر تاريخ الأمة الإسلامية.

ولذلك؛ كان القياس أحد أدلة ثبوت الوقف: حيث «اتفق الفقهاء على أن بناء المساجد وإخراج أرضها من ملكية واقفها أصل في وقف الأصل، وحبس أصولها، والتصدق بثمرتها، فيقاس عليه غيره، ويلاحظ أن القليل من أحكام الوقف ثابتة بالسنة، ومعظم أحكامه ثابتة باجتهاد الفقهاء بالاعتماد على الاستحسان والاستصلاح والعرف»[28]. ولذا «أقرَّ جمهور العلماء من السلف ومَنْ بعْدَهم بأن الوقف جائز شرعاً»[29]، وفي هذا يقول ابن قدامة رحمه الله: «وأكثر أهل العلم من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف»[30]. ويقول الإمام أحمد رحمه الله: «من يُرِدْ الوقف، إنما يريد السنة التي أجازها النبي صلى الله عليه وسلم وفعلها أصحابه»[31]. الشاهد من ذلك أنه لا خلاف بين الأئمة الأربعة في أن الوقف مسنون، فضلاً عن مشروعيته، وأنه قربة إلى الله تعالى، بل إنه من أحسن القرب التي يُتَقرّب بها إلى الخالق سبحانه وتعالى. يقول الإمام الشوكاني رحمه الله: «اعلم أن ثبوت الوقف في هذه الشريعة وثبوت كونه قربة أظهر من شمس النهار»[32].

وخلاصة القول في حكم الوقف: أن جمهور الفقهاء[33] من الشافعية والمالكية والحنابلة والحنفية - إلا رواية عن أبي حنيفة وزفر - يقولون إن الوقف جائز شرعاً – بل مندوب إليه -، وإن أصل مشروعيته ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس.

أنواع الوقف:

 يُستنبط مما ذكره الفقهاء من صور الوقف أنه يمكن أن يقسم إلى أقسام ثلاثة:

1. الوقف الخيري أو «الوقف العام»: وهو يصرف ريعه إلى جهات البر التي لا تنقطع.

2. الوقف الأهلي أو «الخاص»: وهو ما يطلق عليه الوقف الذري، ويسمى في المغرب الأحباس المعقبة[34]، وهو تخصيص ريع للواقف أولاً ثم لأولاده ثم إلى جهة برّ لا تنقطع.

3. الوقف المشترك: وهو ما خصصت منافعه إلى الذرية وجهة بر معاً.

خصائص الوقف:

يتميّز الوقف بمزايا عظيمة أكسبته قوة وفاعلية استمر أثرها قروناً طويلة، ولعل من أبرزها:

1. امتناع التصرف في أصل الوقف، وقد تحقق بهذا المبدأ حماية الوقف وعدم تعريضه لطيش المتولين عليه أو سوء نيتهم، وهو ما جعل الأصل في الوقف الاستمرار والبقاء. هذا وقف عثمان رضي الله عنه الذي ورد اسمه في أسماء المؤسسين في جبل عمر بمكة (بمبلغ عيني يمثل: 10.537.929) ريـال[35]. وقد درس باحث أمريكي حال أكثر الأسر الأمريكية ثراء منذ تأسست أمريكا وماذا آل إليه حال الورثة بعد سنوات طويلة، فوجد أن عائلة الثري الأمريكي (روك فلر) هي الوحيدة من بين قدماء العوائل الثرية التي احتفظ أبناؤها وبناتها بثرائهم بعد وفاة عميد الأسرة بمائة سنة، والسبب أنه: منعهم من بيع أصول التركة وأوصى بتوزيع العائد عليهم وجزء منه للمشاريع الخيرية[36].

2. ما استقر لدى الفقهاء من أن شرط الواقف الصحيح مثل حكم الشارع، فتحققت بذلك حماية الوقف واطمئنان الواقف إلى استمرار صرف وقفه في الأغراض التي تهمه ويُعنى بها، وتحقق بذلك سهولة إدارته، بل سهولة تشكيله وإمكانية بناء أنظمته حسب الحاجة والرغبة بما لا يتعارض مع القواعد الشرعية.

3. ولاية القضاء على الأوقاف، فتحققت بذلك حماية الوقف من تدخل الحكومات[37].

4. تنوع الأموال الموقوفة بحيث يصح وقف ما يُملك على الصحيح من أقوال الفقهاء، فكان ذلك سبباً لفتح باب الوقف على مصراعيه أمام مريديه من كل فئات المجتمع.

5. تنوع مجالات صرفه، بحيث تتسع لاحتياجات الناس ومصالحهم، وهكذا كان الوقف عبر مراحل التأريخ الإسلامي، حيث كان يقوم بجميع مصالح رعايا الدولة المسلمة.

6. حفظ الله للمال الموقوف ورعايته له، وشواهد التأريخ على ذلك مبرهنة، وإليك أيها القارئ الكريم خبر هذا الوقف الذي يوضح هذه الخاصية: ذلك هو وقف عائشة المرشد بمحافظة الرس، التي أوقفت عام 1213هـ قطعة أرض خارج البلد، وجعلت ريع الوقف على محفظي القرآن الكريم، وظل الوقف قرابة مائتي عام لا يعرف، إلى أن أحياه - بأمر الله - قاضي البلد في تفصيلات طويلة، وقبل سنوات صارت الأرض الموقوفة داخل البلد، فبيعت بثلاثين مليون ريـال، لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الرس، والآن تقدر قيمة الوقف بـــ 150 مليوناً، فإذا صلحت النية تقبل الله العمل وحفظه وبارك فيه، ولك أن تعرف أن هذه المرأة - عائشة المرشد رحمها الله - لم تعرف لها ذرية، وإنما تولى هذا كله واستخرجه بعد ضياع وأحياه - بأمر الله - قاضي الرس في حينه معالي الشيخ عبدالعزيز بن حميِّن الحميِّن، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً، وهو الذي حدثني شخصياً بخبر هذا الوقف.

7. النماء والبركة في المال الموقوف، حيث هو تجارة مع الله جل وعلا، ولعلنا هنا نكتفي بإيراد مثال معاصر تتبيّن من خلاله هذه الميزة العظيمة للوقف: إنه وقف الحاج رحيم في مكة «حاج من تركستان»: حيث وقفه صاحبه عام 1307هـ، وكان أصل هذا الوقف عبارة عن غرفتين فقط، وفي عام 1389هـ أصبح ريعه 300،000 ريـال، وفي عام 1416هـ كان الوقف يملك ثلاثة أبراج في مكة، ثم حصلت للوقف نقلة كبيرة عندما تولى النظارة عليه أستاذ جامعي، فتفرغ له وطور استثماراته وحوله لإدارة مؤسسية، فأصبح الوقف في عام 1433هـ يملك أحد عشر برجاً في مكة يقدر أحدها بـ 400 مليون ريـال، وبعد التوسعة الحديثة للحرم أصبحت بعض أبراج هذا الوقف تطل على ساحات الحرم مباشرة، وقد حدثني بخبر هذا الوقف الشيخ سعد بن محمد المهنا، رئيس محكمة القطيف، وهو من المهتمين بموضوع الأوقاف وله فيها جهود مباركة.

نماذج من الوقف عبر التاريخ الإسلامي:

من أشهر ما يمكن الإشارة إليه في استعراض نماذج الأوقاف وشمولها شتى مناحي الحياة، ما يلي:

1. الوقف على القرآن والحديث والمساجد والعلم، وما يتعلق به من إنشاء المدارس، والجامعات، والمكتبات، وصرف الرواتب على الطلبة والمعلمين: فقد كانت المساجد أول وقف في الإسلام، حيث بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء (أول وقف في الإسلام)، ثم بنى مسجده صلى الله عليه وسلم، وكان الناس يتسابقون إلى إقامة المساجد والصرف عليها، والتأريخ يسجل بإعجاب كثرة الأموال التي أنفقها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك على بناء الجامع الأموي بدمشق مما لا يكاد يصدقه الإنسان لكثرتها[38].

ومما ذكر من مآثر نور الدين زنكي أنه بنى في بلاده مساجد كثيرة، ووقف عليها وعلى من يقرأ بها القرآن أوقافاً كثيرة، إذ يروي الأصفهاني أنّ نور الدين أمر بإحصاء ما في محال دمشـق من مساجد هجرت أو خربت، فأناف على مائة مسجد، فأمر بعمارتها وعيّن له أوقافاً دارّة.

أما أوقاف العلم فقد ذكر بعض المؤرخين أنها وجدت في عصر الصحابة رضوان الله عليهم، وكانت من الكثرة بحيث عدَّ ابن حوقل ثلاثمائة كتّاب في مدينة واحدة من مدن صقلية[39].

وكان «الكُتَّاب» في بعض البلدان من السعة بحيث يضم مئاتٍ وآلافاً من الطلاب، ومما يروى عن أبي القاسم البلخي أنه كان له كتَّاب يتعلم به ثلاثة آلاف تلميذ، وكان كتّابه فسيحاً جداً، ولذلك كان أبو القاسم يحتاج إلى أن يركب حماراً ليتردد بين طلابه وليشرف على شؤونهم[40]، وكانت هذه الكتاتيب تمول بأموال الأوقاف.

2. الوقف على توفير الماء: حيث تبارى المسلمون في إنشاء الأسبلة، باعتبارها نوعاً من الصدقة الجارية التي يصل ثوابها إلى صاحبها حتى بعد موته، فقد روي عن سعد بن عبادة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله! أي الصدقة أفضل؟ قال: «سقي الماء»[41]. وقد كانت الأسبلة تقوم مقام مرفق المياه حالياً. ومن أشهر الأسبلة: عين زبيدة بمكة، وموجودة آثارها حتى هذا اليوم.

3. الوقف على توفير الغذاء: تنافس المسلمون في تخصيص الأوقاف لإطعام ذوي الحاجة من البائسين وأبناء السبيل والمغتربين في طلب العلم، وقد تبارى المسلمون في إنشاء (التكايا) التي كان لها دور بارز في توفير الطعام لطوائف كثيرة من الفقراء والمساكين وابن السبيل وطلبة العلم، ولم يقتصر دور التكية على تقديم الطعام والشراب، بل كانت مؤسسة إسلامية متعددة الأغراض تستخدم لاستضافة الغرباء والمسافرين، وإيواء الفقراء، وطلبة العلم. وقد أبدع الواقفون في عمارة التكايا وتصاميمها، بحيث لا تبدو مجرد مأوى أو مطعم. واشتهرت الجامعات الإسلامية العريقة، مثل الأزهر، بتوزيع ما عُرف بالجراية، وهي وجبات طعام يومية على طلابها، وكان يتم تمويل هذه الجرايات من عوائد الأوقاف.

4. الوقف على البلاد المقدسة: ومن أشهر ملوك الإسلام الذين اعتنوا بهذه الأوقاف صلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس.

5. وقف الدور: لإيواء اليتامى واللقطاء ورعايتهم، ولرعاية المقعدين والعميان والشيوخ، ووقف الدور هو أشهر أوقاف الصحابة[42].

6. الوقف على الرعاية الصحية: تجلى الدور البارز للوقف في المجال الصحِّيِّ منذ القرن الأول الهجري، حيث اتخذت البيمارستانات، وأوَّل مَن اتَّخذها للمرضى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك؛ حيث بنى بيمارستاناً بدمشق سنة 88 للهجرة وسبَّلَه للمرضى. وقد أبدى الوليد اهتماماً خاصّاً بمرضى الجذام، ومَنَعَهُمْ من سؤال الناس، ووقف عليهم بلداً يَدِرُّ عليهم أرزاقاً، كما أمر لكل مُقْعَدٍ خادماً، ولكلِّ ضرير قائداً[43]. ويذكر ابن جبير في رحلته أنه وجد ببغداد حياً كاملاً من أحيائها، يشبه المدينة الصغيرة، كان يسمَّى سوق البيمارستان، ومباني كثيرة كلها أوقاف وُقِفَت على المرضى، وكان يؤمه الأطباء والصيادلة وطلبة الطب، إذ كانت النفقات جارية عليهم من الأموال الوقفية المنتشرة في بغداد[44]. وبلغ الاهتمام بالبيمارستانات الموقوفة مَبْلَغاً عظيماً من الرُّقِيِّ والاعتناء والتَّقَدُّم؛ حتى ذكر بعض المؤرخين أن شخصاً كان متمارِضاً في هذا المستشفى فكتب له الطبيب بعد ثلاثة أيام من دخوله: بأن الضيف لا يُقيم فوق ثلاثة أيام[45]. وكان من اهتمامهم ودقتهم في هذه المستشفيات التي أقاموها أنه لم يكن يؤذَن لأحدٍ بمباشرة عمله حتى يكون كبير الأطباء قد شهد له بالمعرفة الكاملة والضبط والدقة، ونتيجة لخطأٍ طبي حدث في زمن الدولة العباسية وتحديداً في زمن الخليفة المقتدر عام 319 توفي بسببه أحد المسلمين، فكان أن أمر الخليفة بمنع سائر المتطببين إلا من امتحنه كبير الأطباء سنان بن ثابت بن قره. ومن لطيف الأوقاف الطبية: ما يعرف بوقف مؤنسي المرضى الذي خُصص ريعه لرعاية قومٍ عملهم الأساس إدخال السرور على قلوب المرضى وإيناسهم، مما يكون سبباً بإذن الله لشفائهم، فهل عرف التأريخ مثل هذا؟ وتأكيداً على رقي هذه الأوقاف جاء في كتاب الدكتورة الألمانية زيغريد هونكة «شمس العرب تسطع على الغرب»، وصفاً للمستشفيات في عهد هارون الرشيد من خلال عرض رسالة من مريض إلى أبيه يقول فيها: «أبتي الحبيب، تسألني إن كنت بحاجة إلى نقود، فأخبرك بأنني عندما أخرج من المستشفى سيعطونني ثوباً جديداً وخمس قطع ذهبية حتى لا أضطر إلى العمل حال خروجي.. واليوم قال لي رئيس الأطباء: إن بإمكاني الخروج من المستشفى معافى وأنا أكره ذلك».

7. الوقف على سكنى الحجيج وإطعامهم وسقياهم وعلى طريق الحج: فقد وقف عمر رضي الله عنه داره التي في مكة على الحُجاج، وتصدق عمر بن عبد العزيز رحمه الله بداره على الحجاج والمعتمرين[46]. وأعمال زبيدة زوجة الرشيد رحمهما الله في سقيا الحجيج أشهر من أن تذكر[47]. وَوَقَف المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ضيعة له لعمل طعام بمنى أيام الحج[48]. ووقف السلطان أحمد بن محمد بن مراد أوقافاً على طريق الحج بين مصر ومكة[49].

8. الوقف على العاجزين عن الحج: ذكر ابن بطوطة رحمه الله في رحلته أثناء حديثه عن الأوقاف في دمشق أن منها أوقافاً على العاجزين عن الحج يعطى لمن يحج عن الرجل منهم كفايته[50].

9. الوقف على الأيتام والأرامل: وقد اعتنى الوقف الإسلامي بالأرامل والمساكين انطلاقاً من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم، ويعدُّ الزبير رضي الله عنه أول من وقف وقفاً لصالح الأرامل والمطلقات من بناته، وهذا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يشير إلى الاهتمام بهذه الفئة فيقول: «لئن سلمني الله لأدعنَّ أرامل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبداً»[51]. وقد ذكر ابن العماد الحنبلي رحمه الله في ترجمة نور الدين زنكي رحمه الله سنة 569 أنه بنى المكاتب للأيتام ووقف عليها الأوقاف[52].

10. الوقف على الأولاد والأقارب والذرية: قال الحميدي: «تصدق أبو بكر بداره على ولده، وعمر بربعه على ولده، وعثمان برومة، وتصدق علي بأرضه بينبع، وتصدق الزبير بداره بمكة، وداره بمصر، وأمواله بالمدينة على ولده، وتصدق سعد بداره بالمدينة على ولده، وداره بمصر على ولده، وعمرو بن العاص بالوهط[53]، وداره بمكة على ولده، وحكيم بن حزام بداره بمكة والمدينة على ولده، فذلك كله إلى اليوم»[54]. و«الزبير جعل دُوره صدقة على بنيه، لا تباع ولا توهب، وللمردودة من بناته السكنى غير مضرة ولا مضراً بها، فإن استغنت بزوج فلا حق لها فيه»[55]. وفي هذا تنبيه على مصرفٍ ذي أهمية، وهو المطلقات، خاصة بنات الواقف.

11. الوقف على الثغـــور والجهاد وفكاك الأسرى، ولك أن تتخيل كيف سيكون حال الأمة اليوم لو وُجِدت فيها مثل هذه الأوقاف.

12. الوقف على أبناء السبيل.

13. الوقف على إعمار الأوقاف: وهذا من اهتمامهم بالوقف وعنايتهم به، وقد قرر الفقهاء أن نفقة إعمار الوقف تكون من حيث شرط الواقف، فإن لم يكن عيَّن مصدراً فإنها تكون من غلته[56]، وقد تُوقَف الأوقاف لإحياء أوقاف سابقة لأهميتها أو لمحل موقفها، وقد ذكر أن بعض خلفاء بني العباس كانوا يوقفون بعض الضياع على إعمار صدقات النبي صلى الله عليه وسلم[57].

14. الوقف على التزويج وأوقاف للحلي والزينة للأعراس وغيرها: وهو من غرائب الوقف، وقد ذكر ابن بطوطة أنه وجد وقفاً بالشام لتزويج البنات الفقيرات اللواتي لا قدرة لأهلهن على تزويجهن. وكذا في تونس والمغرب. وفي أكثر من بلد إسلامي كان هناك وقف لإعارة الحلي والزينة في الأعراس والأفراح، فيستفيد منها المحتاج لأجل التزيُّن بها في الحفلات، ثم يُعيدها إلى مكانها بعد انتهائه منها[58].

15. وقف الأواني وحاجات الموالي: وقد كان هذا الوقف مثار إعجابٍ للرحالة ابن بطوطة، إذ يقول: «رأيت في دمشق مملوكاً صغيراً قد سقطت من يده صحفة من الفخار، فتكسرت واجتمع عليه الناس، فقال له بعضهم: اجمع شقفها، واحملها معك لصاحب أوقاف الأواني. فجمعها، وذهب إليه فدفع له ما اشترى به مثل ذلك الصحن»[59].

16. أوقاف لتنزه الفقراء والمساكين بأولادهم: ومن ذلك الوقف الذي أقامه السلطان نور الدين الشهيد قرب ربوة دمشق، حيث جعل مكاناً فسيحاً جميلاً ليتنزه فيه الفقراء بأولادهم مثل ما للأغنياء؛ حتى لا يشعروا بالحرمان والمسكنة.

17. أوقاف للنساء المرضعات: ومن عجائب الأوقاف في هذا ما ذكره بعضهم: أن أوقافاً خُصصت للنساء المرضعات تسمى «أوقاف نقطة الحليب» يوزع منها الحليب على المرضعات في أيام محددة في كل أسبوع، إلى جانب الماء المذاب فيه السكر، وقد كان ذلك من صنيع القائد المجاهد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله[60].

18. أوقاف لمن يقع بينها وبين زوجها نفور: حيث كان بمَرَّاكش بالمغرب مؤسسة وقفية تُسمى «دار الدُّقة»[61]، وهي ملجأ تذهب إليه النساء اللاتي يقع بينهن وأزواجهن نفور، فلهن أن يقمن آكلات شاربات إلى أن يزول ما بينهن وأزواجهن[62]!

19. أوقاف على رعاية البيئة والحيوانات والطيور: امتدت الأوقاف إلى رعاية البيئة والحيوان فوجدت أوقاف لصيانة الترع والأنهار، وأوقاف لطيور الحرم المكي الشريف، وأنشئت أوقاف لإطعام الطيور والعصافير في مدن عديدة، منها: دمشق والقدس وفاس، وأوقاف للحيوانات الأهلية الهرمة أو المعتوهة لإيوائها وعلاجها كما هو شأن وقف المرج الأخضر في دمشق وغيرها.

إن هذه الأمثلة الناصعة في تاريخ المسلمين توضح بجلاء كيف كانت الأوقاف مكوناً أساسياً للحضارة الإسلامية العظيمة، وكيف شمل خيرها وبرها وأثرها نواحي الحياة بلا استثناء، ويكفي أن تعلم أن الإمام النووي رحمه الله (676هـ) لم يكن يأكل من فواكه دمشق وخضراواتها؛ لأن أكثر أراضيها وقف، وهو الإمام الورع الذي يخشى أن يكون خرج الموقوف عن الوقف بغير استحقاق.

واختصاراً: فإن حقائق التأريخ وشواهده تثبت أن الأوقاف الإسلامية كانت تقوم بجميع مصالح رعايا الدولة المسلمة واحتياجاتهم المهمة بلا استثناء؛ لتخفف وترفع بذلك عبأً كبيراً عن الدولة المسلمة، وتعطي أماناً وطمأنينةً لرعاياها. وقد كانت الدول والممالك الإسلامية تزول ويحل محلها غيرها ومصالح المسلمين لا تتأثر بذلك! بسبب قيام تلك المصالح على الأوقاف بكل استقلالية عن الدول وسيادتها وتعقيداتها، ومحاسنها ومساوئها.

الوقف والعمل الخيري عند الغرب:

تنبَّهت الدول الغربية اليوم (كالولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا) لأهمية الوقف، وتفتحت أعينهم على أثره، وما يعود به من الاستقرار والتنمية، وما يعطيه للنظام من قوة؛ فسعت جاهدة إلى أن توليه أهمية بالغة، فعلى سبيل المثال: في المملكة المتحدة البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية، هناك نظام يشبه الوقف يسمى (الترست)[63]، سنَّته هذه البلدان، ونجحت فيما يَعُوْلُه من مؤسسات وقفية وخيرية؛ فنجد في الولايات المتحدة الأمريكية كبرى المؤسسات والجامعات تقوم على أساس الوقف وتعتمد على ذاتها اعتماداً كلياً، ومن الأمثلة في ذلك: وقف بيل وميليندا جيتس الذي يعد من أضخم الأوقاف في عصرنا الحاضر. وهذا الوقف مقره (واشنطن)، وأسسه: بيل غيتس وزوجته مليندا في عام 1994م، وتقدر قيمة رأسماله حتى الآن بأكثر من (136.500.000.000) ريـال[64]، كما يسهم فيه أثرى أثرياء العالم، ويعمل في ثلاثة مجالات رئيسة، هي: الصحة العالمية، والتنمية العالمية، وبرامج خاصة بالولايات المتحدة الأمريكية! ويتَّبع الوقف منهج الشراكة مع الجهات الخيرية. المثال الثاني: وارن بافت رجل الأعمال المعروف، والذي دخل في شراكة خيرية مع مؤسسة بيل وميلندا جيتس الخيرية بـ 31 مليار دولار في جون 2006م، لتصبح أكبر مؤسسة خيرية مانحة في العالم متخصصة بالصحة والتعليم وأبحاثهما. واللافت أن وارن بافت انضم إلى مؤسسة بيل غيتس لتكون الشراكة الخيرية بينهم رغم أن عمر الأول (75) سنة وعمر الثاني (50) عاماً، حتى علق المدير التنفيذي للمركز الخيري في جامعة إنديانا قائلاً: «إن معظم من لديهم هذا المبلغ من المال يحاولون تشكيل مؤسسة خاصة تكون مرتبطة بصورتهم الخاصة، إنه يهبها لشخص أصغر منه بخمس وعشرين سنة!». ثم علّق وارن بافت بعد ذلك قائلاً : «إنني أشعر بمتعة عميقة بما أقوم به»[65].

المثال الثالث: أوقاف جامعة هارفارد التي تأسست في عام 1974، والتي تقدر أصولها بما يقارب من 120 مليار ريـال[66].

سبل النهوض بالأوقاف:

 [67]تراجع الوقف كثيراً في العصر الحاضر عما كان عليه في عصور قوَّته، فلم يعد (مع ضخامة بعض الأوقاف) ملجأ ومعيناً للفقراء مثلاً، أو للحد من ظاهرة البطالة، أو خدمة التعليم والاقتصاد والمجتمع، وكل ذلك بسبب ضعف الأوقاف وتراجعها، ولذلك التراجع أسبابٌ ليس هذا مكان إيرادها.

ولكي يعود الوقف إلى سابق عهده في خدمة المسلمين والقضاء على الفقر والبطالة والنهوض بالاقتصاد، فإن الواجب عل صنَّاع القرار وأهل الحلِّ والعقد اتخاذ إجراءات مهمة، منها:

أولاً: أن يتم تنظيم الوقف بعيداً عن سلطة الحكومات؛ نظراً لما ظهر من فشل الإدارة الحكومية في مجال قطاع الأعمال، واعتبار الأوقاف أموالاً خاصة تدار بطريقة معينة. وقد أدى إطلاق أيدي الحكومات في إدارة الأوقاف إلى إحجام المسلمين عن وقف أموالهم، حيث تولد لديهم إحساس بأن الأوقاف يتم تأميمها واستخدامها في غير الأغراض التي حددها الواقف. والقاعدة: أن شرط الواقف كنص الشارع، فلا يصح مخالفة الشرط إلا إذا خالف نصاً شرعياً.

ثانياً: إعادة النظر في القوانين التي تعوق الوقف، وتنظيمها في ضوء الأحكام الشرعية الغراء، ووضع نصوص صارمة للحفاظ على أموال الوقف.

ثالثاً: وضع نظم مرعية لقياس وتقويم الأداء في الأوقاف، حيث تعد ضمانة لاستمرار نجاح الوقف، بحيث يمكن المحافظة على الأداء المتميز وتطويره، والتعرف على الأداء الضعيف ومعرفة أسبابه ومعالجتها.

رابعاً: تطبيق معايير عالية في التنظيم المحاسبي، فالمحاسبة المالية من المنظور الإسلامي تشمل تعيين الحقوق والكشف عن الوضع المالي ونتائجه، بكيفية يراعى فيها التمييز بين الحلال والحرام.

خامساً: القيام بحملات توعية في وسائل الإعلام، خصوصاً الحديث منها، للتوعية بأهمية الوقف وحث المسلمين على الاشتراك في وقفيات خيرية أو وقف جزء من ممتلكاتهم.

الوقف واستثمار المستقبل[68]:

من محاسن شريعة الإسلام أن شرعت لأهلها ما ينفعهم ديناً ودنياً، ليس هذا حال كونهم أحياء فحسب، بل بعد موتهم، فإذا كانت صحائف بعض العباد تطوى بعد موتهم، فهناك من لم تطو صحائف أعمالهم بعد رحيلهم! روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: «لم نر خيراً للميت ولا للحي من هذه الحبس الموقوفة، أما الميت فيجري أجرها عليه، وأما الحي فتحبس عليه، لا توهب، ولا تورث، ولا يقدر على استهلاكها»[69]. ولكنَّ كثيراً من الناس عن هذا قد غفلوا، وانشغلوا في أمور الحياة، والتكاثر في الأموال والأولاد، وقلَّما نجد من يعتني بهذا وينتبه له، مع أن ذلك من الأمور المهمة التي عن طريقها تتحقق سعادة الإنسان في آخرته، وتزداد أعماله الصالحة، وهو بهذا يعد وسيلة عظيمة بعد انقضاء الأجل لرفع الدرجات، وتكفير السيئات، واستمرار الثواب، هذا من جانب النفع العائد على الواقف، أما المنافع التي تعود على المجتمع – وبخاصة في عصرنا الحاضر – فكثيرة، من أهمّها: التكافل بين أفراد المجتمع، وتنميته، وتكاتف أهله وترابطهم، وإعانة الفئات المحتاجة فيه، ودعم مؤسسات الخير والدعوة والعطاء.

فالوقف استثمار رابح للمستقبل القريب؛ لأنه استثمار مع رب العالمين، فالمال طريق عظيم للجنة، وباب واسع من أبوابها، فتسعة من العشرة المبشرين بالجنة هم من أصحاب الأموال – هم العشرة باستثناء أبي عبيدة رضي الله عنه –، وقد كان المال بعد فضل الله ومنته أحد أهم أسباب بلوغهم رضوان الله وجنته. والوقف: علوٌّ للواقف، وعزيمة مؤكَّدةٌ للقضاء على الجشَع والشُّحِّ وحبِّ الذات: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: (أن تتصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان..) متفق عليه. وفي هذا الحديث لفتة نبوية للمبادرة قبل فوات الأوان.

وتعظم المصيبة عندما يفرط الإنسان في الوقف أو الوصية ويأمّل نفسه في أنه سيوصي، لكنه يهمل ويعوّل على المستقبل وينشغل حتى يفجأه الموت ولم يوصِ، فيكون قد أُتي من قبل تفريطه.

ويالله العجب من إنسان يملك الثروة الطائلة يموت وهو لم يوقف أو يوصِ، وحينئذ يكون قد حرم نفسه من خير هذه الثروة، فكان عليه حسابها ولغيره غنمها، أفنى عمره في جمع المال وتعداده، وكأنه خزانةٌ لمن بعده، والرابح منهم من ذكره أحد ولده بخير فتصدَّق عنه حيناً، وقد يكون نسيَه في أحيان كثيرة.

والموفق حقاً من كان مفتاحاً للخير سبباً في إرشاد الناس ودلالتهم على الوقف أو غيره من أبواب البر والإحسان، فإن تولى أهل المنهج القويم والدين الرشيد عن ذلك، قام به غيرهم. ولقد سارت الأخبار بنبأ رجل الأعمال الأمريكي بيل غيتس وأثره وعمله الدؤوب في التأثير على رجال الأعمال من بني جنسه، حيث أثّر في العشرات منهم لوقف نصف ثروتهم، وليس العجب هنا، لكن العجب يأخذك عندما تعلم أنه قد تعدى في دعوته وهمته للوقف أبناء قومه حتى وصل لبلاد المسلمين! فقد كتب لأحد رجال الأعمال في بلاد الحرمين يحثه على الوقف ويرشده إليه! بل يعرض عليه خدماته في تولي تنظيم وقفه وإدارته! وغير بعيد من الأول المذيعة الأمريكية التي أقنعت أحد عشر ثرياً أمريكياً بوقف نصف ثروتهم!

وأخيراً: فإن الوقف هو الملك الحقيقي للمال! فمن أراد أن ينقل معه شيئاً من أمواله للآخرة فعليه بالوقف، وذلك هو الاستثمار الحقيقي للمستقبل.

تجارب عملية وعالمية للأوقاف

أوقاف جامعة هارفارد HMC:

تتولى «شركة إدارة أوقاف هارفارد» شؤون أوقاف جامعة هارفارد، وقد تأسست في عام 1974م، وهي شركة فريدة من نوعها بين شركات إدارة الاستثمار؛ فهي تدير الشؤون المالية لأكبر وقف جامعي في العالم (وقف جامعة هارفارد) بلغ حجمه في عام 2012م (30.435) بليون دولار أمريكي. تقوم شركة هارفارد على تحقيق نتائج استثمارية طويلة الأجل لدعم الأهداف التعليمية والبحثية للجامعة، وتتبع أسلوباً فريداً في إدارة الاستثمار تُطلِق عليه «النموذج الهجين»، حيث تقوم بإدارة أموال الوقف من خلال خبرائها داخل الشركة، وكذلك من خلال العلاقات المتميزة مع خبراء ومديرين خارج الشركة، حيث إن هذا النهج يوفر نظرة ذات عمق واتساع للسوق.

تمتلك شركة HMC فريقاً متخصصاً في منصة تداول «الأسواق العامة»، وفريقاً آخر لمنصة تداول «الأصول البديلة»، واللذين يعملان على إدارة الاستثمارات في تلك المنصات بطريقة احترافية تمنح الشركة المرونة الكاملة والذكاء في التعامل مع تقلبات الأسواق والاستجابة المباشرة لها. وقد حققت نمواً كبيراً في رأس المال كما هو موضح في الجدول:

Institution

Harvard University

2012
(billion USD)

30.435

2011
(billion USD)

31.728

2010
(billion USD)

27.557

2009
(billion USD)

25.662

2008
(billion USD)

36.556

2007
(billion USD)

34.635

2006
(billion USD)

28.916

2005
(billion USD)

25.473

  تتميّز منهجية شركة هارفارد في الاستثمار بعدة سمات، أبرزها:

• التركيز على النتائج المالية طويلة الأمد.

• استراتيجية متكاملة للاستثمار وإدارة المخاطر.

• التنويع الأمثل لمشاريع الحقيبة الاستثمارية.

• تحقيق أهداف جامعة هارفارد القريبة وبعيدة المدى.

• مراقبة احترافية معقّدة لمخاطر الحقيبة الاستثمارية.

تتمثل مجالات صرف عوائد استثمار أوقاف هارفارد في البرامج الأكاديمية والزمالة الجامعية والأبحاث الطبية والعلوم، إضافة إلى برنامج (الأستاذية) الذي ينفق على الأستاذ الجامعي، معفياً بذلك الجامعة من دفع رواتب الأستاذة، ومن ثم يمكن لها تعيين مزيد من أعضاء هيئة التدريس، محققة نسبة مرتفعة للأساتذة على الطلبة.

كما أن من أهم مجالات الصرف برامج المساعدات المالية للطلاب (المنح الدراسية) التي تُمنح للمتفوقين والمميَّزين، ما يجعل الجامعة قادرة على استقطاب وتبني الطلاب المتميزين بغض النظر عن قدرتهم المالية، حيث إن 60 ٪ من طلاب جامعة هارفارد يحصلون على المساعدات المالية من الجامعة بقيمة إجمالية تتجاوز 160 مليون دولار سنوياً.

وقف بيل وميليندا غيتس:

منذ عام 1994م بدأ أثرى رجل في العالم، بيل غيتس، مالك شركة مايكروسوفت، مع زوجته ميليندا غيتس؛ النشاط الخيري، وفي عام 2000م قاما بتأسيس «وقف بيل وميليندا غيتس» في سياتل واشنطن بقيمة 126 مليون دولار أمريكي. وقد شهد الوقف نمواً خلال العامين الأولين من خلال التمويل ليصل إلى 2 مليار دولار. وفي عام 2006م انضم للوقف المستثمر الشهير وارن بافت، ثاني أثرى أثرياء العالم بعد بيل غيتس، بتمويل بلغ 30.7 مليار دولار، من خلال تقديم 10 ملايين سهم من أسهم شركة ببيركشاير هاثاواي. هذا وتُقدر قيمة الوقف حالياً بأكثر من 37 مليار دولار، وهو أكبر وقف على مستوى العالم حتى الآن.

يتركز مجال عمل وقف بيل وميليندا غيتس على ثلاثة مجالات رئيسية، هي: التنمية العالمية، الصحة العالمية، إضافة إلى برامج مجتمعية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.. حيث يهدف وقف بيل وميليندا غيتس إلى مجموعة من الأهداف الرئيسية داخل وخارج الولايات المتحدة العالمية؛ فعلى الصعيد العالمي يهدف إلى تعزيز الرعاية الصحية والحد من الفقر المدقع، أما على صعيد الولايات المتحدة الأمريكية فيهدف إلى توسيع فرص التعليم والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات.

والجدير بالذكر أن وقف غيتس يتبع منهجية الشراكة لتنفيذ برامجه وتحقيق أهدافه، حيث إن لديه عدة شراكات مع منظمات غير ربحية وربحية وحكومية تقدم له المنح، بينما هناك شركاء آخرون يتعاونون معه لجمع عدة أطراف؛ بغية تحقيق هدف مشترك. وبحسب التقرير الذي نشره وقف غيتس في 31 ديسمبر 2010م، فقد صرف الوقف 60 ٪ من إجمالي الصرف السنوي على مجال الصحة العالمية، و19.82 ٪ للتنمية العالمية، و15.42 ٪ للبرامج داخل الولايات المتحدة الأمريكية، و4.62 ٪ برامج مختلفة.

 الأمانة العامة للأوقاف بالشارقة في الإمارات العربية المتحدة:

كانت الأمانة العامة للأوقاف في بداية نشأتها عبارةً عن إدارة ملحقة بدائرة الشؤون الإسلامية والأوقاف في الشارقة، وفي عام 1996م تحولت إلى هيئة مستقلة للعناية بشؤون الوقف؛ نظراً للتطور المستمر الذي يمر به المجتمع والتغيرات التي طرأت على أنماط الحياة العامة وما أدت إليه من زيادة المسؤوليات الملقاة على إدارة الوقف لتلبية الحاجات الاجتماعية.

أُسندت للأمانة مهام الدعوة للوقف والقيام بكل ما يتعلق بشؤونه، بما في ذلك إدارة أمواله واستثمارها وتنميتها وتطويرها وصرف ريعها في حدود شروط الواقفين، بما يحقق المقاصد الشرعية للوقف وتنمية المجتمع حضارياً وثقافياً واجتماعياً وتخفيف العبء على المحتاجين.

وتقوم استراتيجية عمل الأمانة على استثمار أموال الأوقاف الموجودة في عهدتها بصفتها ناظراً للوقف، وتوزيع عوائدها بحسب شروط الواقفين من جهة، وإحداث توعية وقفية لتشجيع قيام أوقاف جديدة من جهة ثانية؛ ولذلك اتجهت الأمانة نحو العمل على أربعة محاور، وهي: استثمار وتنمية الأوقاف والدعوة إلى إقامة أوقاف جديدة من خلال تعريف الواقفين المتوقعين بالحاجات الاجتماعية والتنموية التي قد يرغبون في رعايتها، ونشر سنة الوقف بين كافة شرائح المجتمع، خاصة بين ذوي الدخل المحدود، من خلال طرح مشاريع وقفية ذات طابع استثماري، مثل «مشروع الأسهم الوقفي»، وتحقيق شرط الواقف وتنفيذ الوصايا والحجج الوقفية من خلال المصارف الوقفية.

ترعى الأمانة عدة مصارف وقفية، منها: خدمة المساجد، خدمة القرآن الكريم، دار العجزة، رعاية المسلمين الجدد، رعاية المعوقين، خدمة الحجاج، رعاية الفقراء والمحتاجين، رعاية الأيتام، وأبواب خير أخرى.

لقد حظيت الأمانة منذ تأسيسها بثقة الجمهور ودعمه، ما انعكس بدوره على زيادة أعداد الواقفين لديها، حيث زادت الأوقاف المستلمة بشكل ملحوظ؛ وذلك بفضل الله تعالى ثم بفضل الاستراتيجية التي تم وضعها، والتي تركز على التواصل مع الجمهور من خلال الزيارات الميدانية لرجال الأعمال والنساء الموسرات وتعريفهم بالأمانة وأنشطتها وتسهيل إجراءات تسجيل الوقف لدى المحكمة الشرعية وإقامة الندوات والمؤتمرات واستناد الأمانة إلى مبدأ الشفافية.

الوقف العلمي في جامعة الملك عبدالعزيز:

هو منظومة إسلامية خيرية علمية اقتصادية عصرية، تقوم باستثمار الأصول المختلفة وتوجيه عوائدها نحو تبنّي ودعم المشروعات البحثية والدراسات العلمية والموهوبين والبرامج الخاصة المبتكرة التي تخدم المجتمع وتعالج مشكلاته العلمية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية.. تأسس عام 1425هـ بمبادرة من أهالي مدينة جدة ونخبة من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وكوكبة من رجال الأعمال، حيث تم رفع المقترح لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز (رحمه الله)، أمير منطقة مكة المكرمة آنذاك، وكان بذلك أول وقف جامعي على مستوى الشرق الأوسط.

كما سجّل الوقف العلمي سابقة إدارية مبتكرة في طريقة إدارة الأوقاف، حيث تتم لأول مرة بطريقة مماثلة للشركات المساهمة في القطاع الخاص، من خلال جمعية عمومية تضم جميع الواقفين الذين لا تقل مساهمة كل منهم عن 250 ألف ريال أو ما يعادلها من عقار أو أسهم أو غيره، ويكون لكل عضو صوت واحد عن كل 250 ألف ريال.

هذا وتقوم الجمعية العمومية بانتخاب أعضاء مجلس النظارة الذين لديهم كافة الصلاحيات لإدارة الوقف العلمي والإشراف العام على شؤونه وسير عمله ومراجعة أدائه، ويتكون المجلس من  15 عضواً، هم: معالي مدير الجامعة، وثلاثة أعضاء من الجامعة، وثلاثة أعضاء من الإدارات الحكومية، وثمانية من أهل العلم ورجال الأعمال.

ويقوم مجلس النظارة بتعيين لجنة الاستثمار التي تتولى مهمة دراسة المشاريع والفرص الاستثمارية لاستثمار أموال الوقف وتنميتها وتعظيم العوائد الاقتصادية التي يعود جزء منها إلى الاستثمار مرة أخرى لتنمية رأسمال الوقف، بينما يتم توجيه الجزء الأكبر إلى مصارف الوقف العلمي الشرعية وبحسب شروط الواقفين، ونذكر منها:

· دعم المشاريع البحثية والدراسات العلمية في المجالات الحيوية التي تخدم المجتمع.

· دعم مشاريع الموهوبين والمبتكرين وأبحاثهم التي تسهم في إيجاد حلول لمشاكل المجتمع.

· ابتكار برامج ومشاريع متميزة لخدمة المجتمع وحل مشكلاته وتنميته في مختلف المجالات.

· إقامة اللـقاءات العلمية والندوات الثقافية والدورات التدريبية لمختلف فئات المجتمع.

· تنظيم برامج تنموية خاصة ببعض فئات المجتمع، مثل: (ذوي الاحتياجات الخاصة، المرضى، والأيتام...).

· عقد برامج إدارية متقدمة للتنفيذيين ورجال الأعمال من خارج المملكة؛ لتعريفهم ببيئة العمل في المملكة وتشجيعهم على فتح مشاريع جديدة تسهم في دفع عجلة التنمية وتوفير وظائف ورفع مستوى رفاهية المجتمع.

يذكر أن الوقف العلمي أطلق مجموعة رائدة من البرامج والمشاريع، نذكر منها: مسابقة المثالية في القيادة المرورية، مشروع تيسير الزواج، مشروع تدوير الورق، مشروع تشغيل مكتبة الملك فهد العامة في جدة، برنامج ثقة، مشروع تشجيع براءات الاختراع، إنشاء بنك وقفي، برنامج الأعمال التنفيذي السعودي، وبرنامج الاستقطاع الشهري، كما دعم العديد من الأبحاث العلمية المهمة في مختلف المجالات الطبية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المجالات التي يحتاج إليها المجتمع والأمة.

 ** ملف خاص (الوقف.. بوابة العطاء)

:: مجلة البيان العدد 312 شعبان 1434هـ، يونيو - يوليو 2013م.


 [1] معجم مقاييس اللغة 6/135.

[2] ينظر: مادة (وقف)، القاموس المحيط للفيروز آبادي، 3/205.

 [3] ينظر: القاموس المحيط 3/205.

[4] القاموس المحيط 2/205.

[5] كتاب شرح ألفاظ الواقفين والقسمة على المستحقين، للحطاب، ص11.

[6] تهذيب اللغة، للأزهري، 4/342.

[7] المبسوط، لشمس الأئمة محمد بن أحمد السرخسي، 2/27.

[8] شرح منح الجليل، لمحمد بن أحمد المالكي، 4/34.

[9] تحفة المحتاج بشرح المنهاج، لأحمد بن محمد بن حجر الهيثمي، 6/235.

[10] المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني، لموفق الدين ابن قدامة المقدسي، 2/307.

[11] سنن النسائي، كتاب الأحباس، باب حبس المشاع، برقم 3607.

[12] الوقف في الشريعة والقانون، لزهدي يكن، ص 7.

[13] بيرحاء على صيغة فعيل من البراح وهي الأرض الظاهرة. انظر: لسان العرب، 2/412. وهي موضع قِبَل المسجد النبوي يعرف بقصر بني جديلة (ينظر: هدي الساري مقدمة فتح الباري، ص91). على بعد 84 متراً من المسجد، وهي داخلة حالياً في نطاق توسعة المسجد النبوي من الناحية الشمالية. انظر: (تاريخ معالم المدينة، للخياري، ص 189).

[14] صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب الزكاة على الأقارب، رقم الحديث 1461.

[15] يمكن لمن أراد أن يرجع إلى بعض منها أن ينظر على سبيل المثال: سورة البقرة الآيات: 215، 219، 254، 261، 262، 274؛ وسورة آل عمران، الآيتان: 117، 134؛ وسورة النساء، الآيتان: 34، 38؛ وسورة الأنفال، الآية: 3؛ وسورة التوبة، الآية: 53؛ وسورة الحج، الآية: 35؛ وسورة القصص، الآية: 54؛ وسورة السجدة، الآية: 16؛ وسورة الشورى، الآية: 42؛ وسورة الفرقان، الآية: 67؛ وسورة الحديد، الآية: 10.

[16] ينظر: التصرف في الوقف لإبراهيم بن عبد الله الغصن، 1/64.

[17] صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من احتبس فرساً في سبيل الله، 2853.

[18] صحيح البخاري، كتاب الوصايا، باب الوقف كيف يكتب، برقم 2620.

[19] ينظر: فتح الباري، كتاب الوصايا، باب الوقف كيف يكتب، ص 469.

[20] صحيح مسلم، كتاب الوصية، 2/1255.

[21] صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب الزكاة على الأقارب، رقم الحديث 1461.

[22] أخرجه مسلم كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان بعد وفاته.

[23] الطبقات الكبرى لابن سعد 1/501- 503 بأسانيد متعددة. السيرة النبوية لابن هشام 3/99. البداية والنهاية 5/416-417. وانظر: أحكام الوقف لمصطفى الزرقاء، ص11، وأحكام الوقف لأحمد الخصاف ص5.

[24] أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب في تقديم الزكاة ومنعها، برقم 983.

[25] ابن قدامة، المغني، 8/186.

[26] ينظر: مغني المحتاج شرح المنهاج، الشربيني، 2/376.

[27] ينظر: مغني المحتاج للشربيني، 2/376.

[28] الأحكام الفقهية والأسس المحاسبية للوقف، د. عبد الستار أبو غدة ود. حسين شحاتة، ص 48.

[29] مغني المحتاج 2/376- المغني 8/185.

[30] المغني لابن قدامة، 8/185.

[31] المبدع، ابن مفلح، 5/312.

[32] السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، محمد بن علي الشوكاني، 3/313.

[33] للوقوف على تفصيل آراء الفقهاء في ذلك يراجع: الأم، للشافعي، 1/ 274-275؛ والمدونة الكبرى للإمام مالك، رواية سحنون، 6/15؛ والشرح الكبير على متن المقنع، لابن قدامة المقدسي، 6/85؛ والمبسوط، السرخسي، 12/27؛ والإسعاف في أحكام الأوقاف، إبراهيم بن موسى الطرابلس، ص 3.

[34] تجربة الأوقاف في المملكة المغربية، لدرويش عبد العزيز، ص11.

[35] بحسب ما ورد في نشرة الاكتتاب الخاصة بشركة (جبل عمر) والمنشورة على موقع هيئة سوق المال.

[36] مقال بعنوان: وقف عثمان رضي الله عنه للكاتب: عبدالله الجعيثن. (الموقع الإلكتروني لمركز استثمار المستقبل للأوقاف والوصايا).

[37] الخصائص الثلاث من محاضرة الشيخ صالح الحصين حفظه الله، بعنوان: (تطبيقات الوقف بين الأمس واليوم، وهي من مطبوعات مركز استثمار المستقبل للأوقاف والوصايا بالرياض).

[38] من روائع حضارتنا، لمصطفى السباعي، (ص 125).

[39] ينظر: معجم البلدان، لياقوت الحموي، 3/417 - 418؛ ومجلة الوعي الإسلامي، عدد (382)، ص 37.

[40] ينظر: معجم البلدان 1/479 -480؛ ومجلة الوعي الإسلامي عدد (382) ص 37.

[41] أخرجه ابن ماجه، كتاب الأدب، باب فضل صدقة الماء، برقم 3684.

[42] ينظر: الأوقاف النبوية ووقفيات بعض الصحابة الكرام، ص 167.

[43] ينظر: الكامل، ابن الأثير 4/292؛ والجوهر الثمين، ابن دقماق، ص 65.

[44] التذكرة بالأخبار في اتفاقات الأسفار، ابن جبير.

[45] ينظر: التمريض في التاريخ الإسلامي، عكرمة سعيد صبري، ص 29 - 30.

[46] ينظر في خبر العمرين: أخبار مكة 2/263 - 2/241.

[47] ينظر: أخبار مكة 237 - 327.

[48] كتاب نسب قريش لمصعب الزبيري، 2/305 - 306.

[49] خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، للمحبي، 1/290.

[50] تحفة النظار، لابن بطوطة، 1/118.

[51] الخراج، ليحيى بن آدم القرشي، ص ٥٩.

[52] شذرات الذهب 4/228.

[53] الوهط: ما كان لعمرو بن العاص بالطائف على ثلاثة أميال من مرج.

[54] المغني لابن قدامة 8/185 - 186.

[55] المغني لابن قدامة 8/205 - 206.

[56] المغني 8/234.

[57] الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار، ص 491 - 492، تحقيق: سامي مكي العاني.

[58] حاضر العالم الإسلامي، شكيب أرسلان، 3/8.

[59] المصدر نفسه ص 100.

[60] من روائع حضارتنا، لمصطفى السباعي، ص  128.

[61] الدقة: التوابل المخلوطة بالملح، والمقصود هنا: الدار التي تَدُقُّ على يد الزوج الظالم المسيء لزوجه، حتى توقفه عند حدِّه.

[62] الحضارة العربية الإسلامية، شوقي أبو خليل، ص 336 - 337.

[63] محاضرة تطبيقات الوقف بين الأمس واليوم، معالي الشيخ صالح الحصين (من مطبوعات مركز استثمار المستقبل بالرياض).

[64] حسب آخر إحصائية لأصول الأوقاف، في 31/12/2012م، انظر: موقع مؤسسة ميليندا وبيل جيتس الخيرية:

http://cutt.us/zCfU ، وتساوي قيمة الوقف بالدولار الأمريكي : (36.4) مليار دولار.

[65] الجمعيات الخيرية ودعاوى الإرهاب، للدكتور محمد السلومي.

http://cutt.us/Cc1.   [66] مقال للدكتور إبراهيم البعيز

[67] ينظر في هذا بحث جميل للدكتور خالد المشيقح بعنوان: الأوقاف في العصر الحديث، وهو من أحسن ما كتب في هذا.

[68] ينظر في هذا بحث جميل للدكتور خالد المشيقح بعنوان: الأوقاف في العصر الحديث، وهو من أحسن ما كتب في هذا.

[69] الإسعاف في أحكام الأوقاف لإبراهيم الطرابلسي، ص 2.

 

أعلى