مقاصـد الـرسْـم القـرآنــي

وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الرسم القرآني «توقيفـــيّ»؛ لأنه الرسم الذي ارتضاه الصحابةُ الذين كتبوا القرآن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الرسم الذي أجمعت عليه الأمة.


لمْ يتوقَّف إعجاز القرآن عند سُموّ خِطابِه وجلال بيانِه، ولا عند قوانينه وتشريعاته، ولا عند إخباره بالغيوب، ولا عند تلاوته وتجويده، بلْ امتدَّ إلى رسْمه وطريقة كتابة ألفاظه أيضًا؛ فقد جاء «الرسْمُ القرآني» مخالفًا في بعض ألفاظه للرسْم القياسي، أيْ: اللَّفظ المنطوق، أوْ الكتابة المعتادة. إذْ نجد حروفًا جاء رسمها مخالفًا لأداء النطق، وهناك ألفاظ تَنقُص حروفها أوْ تزيد؛ وذلك لأغراض شريفة، وأسرار جليلة امتاز بها الكتاب العزيز. وهذه الظاهرة دفعت إلى التفكير والتفسير مِن أجل الْتماس وجه الحكمة مِن هذا الرسم.

   ومِن أبرز العلماء الذين أفردوا موضوع «الرسْم القرآني» بالتأليف: أبو عمرو الداني في كتابه: «المقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار»، وأبو القاسم الشاطبي في كتابه «العقيلة»، والبلنسي في كتابه «المنصف»، وأبو العباس المراكشي المعروف بابن البناء في كتابه: «عنوان الدليل في رسوم خط التنزيل»، وأبو داود سليمان نجاح في كتابه «التنـزيل»، والشيخ محمد خلف الحسيْني في كتابه: «مُرشد الحيران إلى معرفة ما يجب اتّباعه في رسم القرآن»، وفي شرحه لأرجوزة «اللؤلؤ المنظوم في ذِكر جملة من المرسوم»، وعبد العظيم المطعني في كتابه «الرسم القرآني».

بلْ إنَّ معظم الذين كتبوا في علوم القرآن خصَّصوا فصلًا مستقلًا لعِلْم مرسوم الخط، ووضعوا قواعد للرسم القرآني، فتحدّث الزّركشي عنه في «البرهان»، كما تحدَّث السيوطي في «الإتقان» عن مرسوم الخط القرآني وآداب كتابته. وذَكَر ابنُ المبارك عن شيخه عبد العزيز الدباغ، في كتابه «الإبريز» ما نصّه: «رسْم القرآن سرٌّ من أسرار الله المُشاهَدة وكمال الرفعة، وهو صادرٌ من النبي صلى الله عليه وسلم  الذي أمر الكُتَّــاب مِن الصحابة أن يكتبوه على هذه الهيئة، فنَظْم القرآن مُعْجِز، ورسمه -أيضًا- مُعْجِز، وفي ذلك أسرار عليا، لا يُدركها كثير من الناس».

وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الرسم القرآني «توقيفـــيّ»؛ لأنه الرسم الذي ارتضاه الصحابةُ الذين كتبوا القرآن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الرسم الذي أجمعت عليه الأمة. وقد استدلُّوا بقول أحمد بن حنبل: «تَحرُم مخالفة خط مصحف عثمان في واو أوْ ألف أوْ ياء أوْ غير ذلك». وقول البيهقي في شُعَب الإيمان: «مَن كَتب مصحفًا، ينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به تلك المصاحف، ولا يخالفهم فيه، ولا يُغيِّر ممَّا كتبوه شيئًا، فإنهم كانوا أكثر عِلْمًا وأصدق قلبًا وأعظم أمانةً، فلا ينبغي أن نظنَّ بأنفسنا استدراكًا عليهم».

وقال أشهَب: سُئِلَ مالك -رحمه الله-: «هل تُكتب المصاحف على ما أخذته الناس من الهجاء؟ فقال: لا، إلاَّ على الكتبة الأولى». وقال النيسابوري: «أجمع الأئمةُ على أنَّ الواجب على القرَّاء والعلماء وأهل الكتابة أن يتّبعوا هذا الرسم في خط المصحف، فإنه رسم زيد بن ثابت، وكان أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم  وكاتب وحيْه». وقال ابنُ فارس في «فقه اللغة»: «الخط توقيفي؛ لقوله تعالى: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ صلى الله عليه وسلم !٤!صلى الله عليه وسلم ) عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٤، ٥]، {ن« وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: ١]، وإنَّ هذه الحروف داخلة في الأسماء التي علَّم اللهُ آدم».

ألفاظ قرآنية خالف رسمها قواعد الإملاء:

في السطور التالية، نَعرِض بعض الألفاظ التي جاء رسمها مخالفًا للقواعد الإملائية؛ كيْ نتلمَّس وجه الحكمة وراء ذلك، سيّما أنَّ كلَّ حرف وكلَّ كلمة وكلَّ حركة في القرآن لها فائدة.

نعم، إنّ وجود لفظ قرآني برسم مختلف عن الرسم الإملائي، يلفت النظر إلى أنَّ هناك معنًى أوْ غايةً جليلة يجب الانتباه إليها؛ ففي حالة زيادة حروف اللَّفظ عن المعتاد، فهذا يعني زيادة المبنَى، وبالتالي يتبعه زيادة في المعنَى. وزيادة المبنَى قد يؤدي إلى التراخي أو التمهُّل أو التأمُّل أوْ انفصال أجزائه. أمَّا في حالة نقص حروف اللَّفظ، فقد يُوحي بسرعة الحدث، أوْ انكماش المعنى وضغطه، أوْ تلاحم أجزائه... ومن ذلك:

﴿بِسْمِ﴾ - ﴿بِاسْمِ﴾

ورد لفظ ﴿بِسْمِ﴾ -مقصورًا بدون ألف- ثلاث مرات في القرآن (بخِلاف فواصل السوَر) على النحو التالي: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]؛ {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرِيهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41]؛ {إنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإنِّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30].

     بينما ورد لفظ ﴿بِاسْمِ﴾ بدون قصْر- أربع مرات في القرآن- على النحو التالي:

{نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ 73 فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 73، 74]؛ {إنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ 95 فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 95، 96]؛ {وَإنَّهُ لَـحَقُّ الْيَقِينِ 51 فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الحاقة: 51، 52]؛ {اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١].

لماذا ورد لفظ ﴿بِسْمِ﴾ في الحالات الأُوَل مقصورًا بدون ألف، بينما ورد اللَّفظ في الحالات الأخرى كاملًا بدون قصْر؟

   ذلك، أنَّ حذف «الألف» مِن لفظ ﴿بِسْمِ﴾ الذي جاء بعده لفظ الجلالة (الله)، يُوحي بأنَّ الوصول إلى الله -سبحانه- بأقصر الطرق وأسرع الوسائل، ودون وسائط. أمَّا الحالات التي ورد فيها ﴿بِاسْمِ﴾ بدون قصْر؛ لأنَّ لفظ (ربّك) أتى مشتركًا بينه -سبحانه- وبين خَلْقه، كأمره لهم بالتسبيح والذّكْر والقراءة.

    إذن، فحذف حرف من اللّفظ يضغط مبناه، ويُسرع من وقعِه، فيؤدي المراد وهو السرعة، وهذا لون من إعجاز الرسم القرآني.

﴿الْمِيعَاد﴾ - ﴿الْمِيعَـد﴾

ورد لفظ ﴿الْمِيعَاد﴾ بألف صريحة في وسط اللفظ (5 مرات) في القرآن، وكلها تتحدّث عن ميعاد البعث والنشور والجزاء، لذا جاء هذا الميعاد واضحًا وصريحًا، على النحو التالي: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 9]؛ {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 194]؛ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [الرعد: 31]؛ {قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ} [سبأ: 30]؛ {لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر: 20].

بينما ورد هذا اللَّفظ ﴿الْمِيعَـد﴾ مرةً واحدة فقط بدون ألف، وذلك حين نسب الميعاد إلى البشر، في قوله تعالى: {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَـدِ} [الأنفال: 42].

﴿سَـعَوْا﴾ - ﴿سَـعَوْ﴾

ورد لفظ ﴿سَعَوْا﴾ في «سُورة الحج» بإثبات الألف بعد واو الجماعة: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾[الحج:51]. بينما ورد لفظ ﴿سَعَوْ﴾ في «سبأ» بحذف الألف بعد واو الجماعة: ﴿وَالَّذِينَ سَعَوْ فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ [سبأ: 5]، ونص الآيتيْن يكاد يكون واحدًا في الموضعيْن!   

عندما أثبتَ الألف بعد واو الجماعة (سَعَوْا) في (الحج/51)؛ لِمَا تقدَّمه ذِكْر تكذيب الكفار لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وضمَّ إليهم تكذيب الذين مِن قبلهم لأنبيائهم؛ قال سبحانه: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ ...﴾ [الحج: 42-44]؛ فناسبَ ذلك إثبات «الألف» للدلالة على زيادة معنى السعي في التكذيب.

بينما جاء لفظ ﴿سَعَوْ﴾ بدون ألف بعد واو الجماعة في (سبأ/5)، لِمَا تقدّمه ذِكْر تكذيب الكفّار لسيّدنا محمدصلى الله عليه وسلم  فقط دون ذِكْر لتكذيب أنبياء آخَرين؛ فناسبه عدم إثبات الألف بعد واو الجماعة ليميّزه على فعل (سعوا) الذي في الحج، وهذه إشارة إلى فرق دلالي بين الحالتيْن يدركه أصحابُ الحس اللغوي المرهَف، وهو ما كان عليه الذين كتبوا الوحي بعلمٍ وفهمٍ وبصيرة.

﴿صَـحِبِهِ﴾ - ﴿صَاحِبُهُ﴾

ورد في سورة الكهف، على لسان صاحب الجنتيْن: {فَقَالَ لِصَـحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا... } [الكهف: 34]؛ فقد جاء لفظ ﴿صَـحِبِهِ﴾ بألف متروكة؛ ليُبيِّن ما كان يَظنّه صاحبُ الجنتيْن من أنَّ صاحبه  مُتّفِق أوْ مُوافق له في أفكاره وآرائهِ، غير أنَّ الردَّ يأتيه مِن صاحبه المؤمن مُخالفًا ومُتهكِّمًا: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ...} [الكهف: 37]؛ فقد جاء لفظ ﴿صَاحِبُهُ﴾ بألف صريحة فارقة، ليُوضِّح أنَّ هذه الصحبة في الرفقة فقط، أمَّا في الاعتقاد فهناك تباعُد وتفاوت يَحُول بينهما.

وقد ورد هذا المعنى واضحًا في حقّ الرسول صلى الله عليه وسلم  حينما نُسِبَ إلى قومه؛ إذْ جاء لفظ ﴿صَاحِبِكُمْ﴾ بالألف الصريحة -مُفرِّقة بينه وبين قومه في الاعتقاد، بالرغم من مصاحبته لهم في المكان والزمان- وذلك في الآيات الآتية: {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} [سبأ: 46]؛ {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: 2]؛ {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} [التكوير: 22].

لكن عندما تكلّم عن علاقتهِ بصاحبهِ أبي بكر؛ أتى لفظ ﴿صَـحِبِهِ﴾ بألف متروكة، ليُبيِّن مدى التقارب بينهما، ويُوضِّح الصحبةَ الحقيقية في الرفقة والإيمان: {إِذْ يَقُولُ لِصَـحِبِهِ لَا تَحزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]؛ مِن هنا تتبيّن حكمة الرسم القرآني وأسراره.

﴿فَسْئلِ﴾ - ﴿وَسْئلِ﴾

ورد فعل الأمر: ﴿فَسْئلِ﴾، ﴿وَسْئلِ﴾ ناقصًا حرف (ا) كما في قوله تعالى: {فَسْئلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94]؛ وقوله: {وَسْئلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [يوسف: 82]؛ وقوله: {وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32].

فحذف حرف (ا) من مبنَى اللفظ الأصلي (اسأل)؛ يدلّ على أنَّ السؤال يأتي في عجلة وسرعة، ويَشي إلى سرعة الإجابة، لذا جاء لفظ ﴿فَسْئلِ﴾ في فعل الأمر ناقصًا حرفًا ليحضَّ على سرعة السؤال انتظارًا لسرعة الإجابة. وكما ذكرنا فإنَّ نقص مبنَى اللفظ يدلّ على العجلة والسرعة. وهذا -أيضًا- دليل على أنَّ الرسْم القرآني أصدق تعبيرًا عن المعنى المراد.  

﴿أَيْـدٍ﴾ - ﴿أَيْيدٍ﴾

ورد لفظ ﴿أَيْـدٍ﴾ وهو جمع (يد) مرتين في القرآن بهذا الرسم العادي، وذلك في آيتيْن؛ قال سبحانه: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} [الأعراف: 195]، وقال أيضًا: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 17].

غير أنّه ورد مرةً واحدة بزيادة حرف (ي) في منتصفه، وذلك في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47]؛ فزيادة حرف (ي) في لفظ (أيد) يوضّح قوة وشدة السماء ومتانة سمكِها وبنائها؛ أيْ: أنَّ زيادة المبنَى يدلّ على زيادة المعنَى... وهل هناك أشد من خلق السماء؟ {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات: 27].

حِكمــــة الرســـم العثمانـي:

أجمع العلماءُ والمفسّرون على أنَّ الرسم العثماني له حِكَم وفوائد عديدة، يدركها مَن يتدبّر القرآن، فيزداد يقينًا بجلال ألفاظه وجمال مقاصده... ونذكر من تلك الفوائد ما يلي:

       = الدلالة على أصل الحركة:

     فقد زِيدت (الياء) في قوله تعالى: ﴿وَلَقَد جَآءَكَ مِنْ نَبَإِيْ المُرسَلِينَ﴾ [الأنعام: 34]؛ للدلالة على الكسرة، وزيدت (الواو) في قوله تعالى: ﴿سَأُوْرِيكُم دَارَ الفَسِقِينَ﴾ [الأعراف: 145]؛ للدلالة على الضمَّة؛ لأنَّ المصاحف رُسِمت خالية من الهمز والتنقيط والحركات.

= الدلالة على أصل الحرف:

   كتابة (الصلاة) بالواو بدلًا من الألف في: ﴿ٱلصَّلَوٰةَ﴾ [البقرة: 3]؛ للدلالة على أنَّ أصل الحرف «الواو» في كلمة: (الصلوة)، وكتابة الألف ياء للدلالة على أنها من ذوات الياء فيُميلها مَن كان مذهبه الإمالة نحو: ﴿وَٱلضُّحَى﴾ [الضحى: 1].

= مراعاة القراءات المتنوعة في الرسم:

  كلمة ﴿عِبَٰدُ﴾ في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْـمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إنَاثًا} [الزخرف: ٩١]؛ قُرِئت (عباد) و(عِند) والرسم يحتمل القراءتيْن.

=  الإشارة إلى قراءة أخرى:

رُسِمَ لفظ (غيابة) بتاء مفتوحة في: {غَيَٰبَتِ الجُبّ} [يوسف: 15]، إشارة إلى قراءة أخرى، كما يَحتمل -أيضًا- الجمع والإفراد.

     ورد لفظ (بيّنــة) في تسعة عشر موضعًا، بالتاء المربوطة، بينما رُسِمَ في موضعٍ واحد بالتاء المفتوحة: ﴿أَم ءَاتَينَٰهُم كِتَٰبا فَهُم عَلَى بَيِّنَتٍ مِّنهُ} [فاطر: 40]؛ إشارة إلى قراءة أخرى، فمِن القرّاء مَن يقرأ هذا اللفظ بالجمع، ومنهم مَن يقرأه بالإفراد، فرُسِمَ بالتاء المفتوحة ليحتمل القراءتيْن.

     = الدلالة على معنى خَفـي دقيق:

     فمثلًا: حذف (الـواو) بعد الفعل في لفظ ﴿وَيَدْعُ﴾ من قوله تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ﴾ [الإسراء: 11]، للتنبيه على سرعة وقوع الفعل، وسهولته على الفاعل. وحذفه في لفظ {وَيَمحُ} من قوله تعالى: {وَيَمحُ ٱللَّهُ ٱلبَٰطِلَ} [الشورى: 24]؛ للدلالة على سرعة ذهاب الباطل.

    زيادة (الألف) بعد الفعل في لفظ ﴿وَيَعفُواْ﴾ مِن قوله تعالى: ﴿وَيَعفُواْ عَن كَثِير﴾؛ للإشارة إلى كثرة عفو الله واستمراره، فزيادة المبنَى زيادة للمعنَى.

    كتابة (أييد) بيائيْن في قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإنَّا لَـمُوسِعُونَ} [الذاريات: ٧٤]؛ فذلك للإشارة إلى عظمة صُنع الله.

حذف (الألف) بعد واو الجماعة في لفظ ﴿وَجَآءُو﴾ من قوله تعالى: ﴿وَجَآءُو بِسِحرٍ عَظِيم﴾ [الأعراف: 116]، للإشارة إلى أنَّه مَجيءٌ يغلب عليه الكذِب والخداع.

= إفادة بعض المعاني المختلفة بطريقة لا خَفاء فيها:

    فمثلًا: قطْع (أمْ) عن (مَن) في قوله تعالى: ﴿أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ [النساء: 109]، للدلالة على أنها المنقطعة بمعنى بلْ. ووصْل (أمْ) في (مَن) في قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك: 22]، للدلالة على أنها المتصلة.

= الدلالة على بعض اللَّهجات الفصيحة:

رُسِمَ لفظ (رحمَة) في بعض المواضع بالتاء المفتوحة نحو: {أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ} [البقرة: ٨١٢]؛ للدلالة على لغة طَيء، وحذف ياء المضارع بدون جازم في كلمة (يأتي) من قوله: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إلَّا بِإذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: ٥٠١]؛ للدلالة على لغة هزيل.

  

أعلى