أسواق في أعماق الأرض

أسواق في أعماق الأرض


في عام 2006 فرضت المجموعة الدولية حصار على قطاع غزة لإجباره على الرضوخ لمطالبه المتمثلة بالاعتراف بــ(إسرائيل) ونزع سلاح المقاومة، وكان الهدف من ذلك إفشال تجربة حكم إسلامية كانوا متيقنين من نجاحها.

ومع مرور الأيام اشتد الحصار وأخذ سكان القطاع يعززون صمودهم من خلال البحث عن وسائل جديدة تخفف عنهم وطأة الحصار الخانق، لذلك بدأ بعض التجار يلجئون لحفر الأنفاق من خلال مسافة تمتد من حدود البحر المتوسط مع غزة وحتى الحدود الإسرائيلية المصرية أي على مسافة 13 كيلو متر مربع. إحصاءات غير مؤكدة تشير على أن عدد الأنفاق تجاوز 1200نفق مقسمة مابين أنفاق للمواد الاستهلاكية مثل الطحين والأدوية وحليب الأطفال، وأخرى للأجهزة الكهربائية والإلكترونيات، وكذلك قسم مخصص لتهريب السيارات والأوزان الثقيلة مثل الأبقار والحديد والأسمنت. وهناك خطوط لجلب المحروقات من الأراضي المصرية بحيث تتراوح أعماق هذه الأرض بحسب نوعية التربة فتجد أنفاق قد تصل عمقها 20 أو 40 مترا، لكنها كما يصفها سكان القطاع بــ ( المعابر الأرضية) فقد تمكنت من توفير احتياجات ليست هينة، من الحاجات الأساسية لهم.

وتسعى الحكومة الفلسطينية في غزة إلى تنظيم العمل في هذه الأنفاق من خلال وضع ضوابط يلتزم بها العاملين في هذه الأنفاق وأصحابها، وقالت صحيفة القدس إن هيئة المعابر والحدود تبلور خطة لإعادة تقييم الوضع الأمني على الحدود مع مصر في منطقة الأنفاق.

وذكرت الصحيفة أن اجتماعاً مطولاً عُقد مُنتصف الأسبوع المُنصرم ضم نحو30 شخصية بارزة من الأجهزة الأمنية مع نائب مدير هيئة الحدود  التابعة لحكومة غزة ، وشخصيات أخرى تناول الآلية التي وضعتها الهيئة لضبط الحدود وسير عمل الأنفاق، واستقدام مزيد من عناصر الأمن من مختلف الأجهزة ونشرها على الحدود.

وكانت قوات الأمن الوطني في القطاع بدأت قبل بضعة أسابيع في إقامة سواتر رملية بمحيط بوابة صلاح الدين، وعلى بُعد حوالي 50 مترًا من الجدار المصري، ووضعت أعمدة حديدية وأسلاكاً شائكة فوق السواتر بهدف تحصين الحدود.

وتقضي الخطة  بإنشاء ثلاث بوابات رئيسية على طول الحدود.وستكون البوابة الأولى عند محور صلاح الدين، والثانية بمنطقة سواتر رملية بمحيط بوابة صلاح الدين (صفا) حي السلام قرب "الترنس"، والثالثة مقابل مخيم يبنا، بهدف متابعة دخول وخروج عمال الأنفاق والبضائع التي تُمر عبرها.

وهناك قرار أيضًا بإلغاء سوق السبت بمنطقة بوابة صلاح الدين، حيث سُيمنع وضع أي "بسطة" بشارع بنك فلسطين الواقع قربة البوابة.

كذلك سُيمنع وضع أي بسطة قرب محطة بهلول للبترول وعلى المدخل الرئيس للبوابة، وسيتم استبدال الأماكن المذكورة بشوارع وأماكن أخرى فرعية قريبة من السوق، مشيرة إلى أن الهدف من وراء ذلك تسهيل حركة الشاحنات والعربات من وإلى منطقة الأنفاق.

وذكرت الصحيفة أن هناك قرارًا أخر يتعلق بعمال الأنفاق ومالكيها وهو عدم دخول هؤلاء دون بطاقة شخصية "هوية"، وأنه لا بد من تسجيل اسمه لدى مكتب هيئة الحدود قرب بوابة صلاح الدين عند دخوله لمنطقة الأنفاق للعمل أو بهدف جلب بضائع، وكذلك الأمر بالنسبة للأجانب والصحفيين أو غير ذلك.

وتعتزم وزارة الداخلية تعزيز القوات الموجودة هناك بـ50 عنصرًا من كل جهاز يُشرف عليهم ضابط من نفس الجهاز بهدف تحصين وتعزيز الأمن على الحدود من جانب، وضبط الحركة أكثر من ذي قبل بمنطقة الأنفاق بما يضمن الأمن مع مصر.

ويشار إلى  أن القوات الإضافية الجديدة التي سيتم استقدامها للحدود برئاسة شخصية أمنية بارزة.

و تشغل الأنفاق ما يزيد عن 15 ألف عامل من أبناء قطاع غزة، بحيث تتنوع المهن فيها مابين ملاك لها، وشركاء فيها أو عتّالين ، أو حفّارين..إلخ، ولكل شخص راتب متعارف عليه، وترتفع التسعيرة وتنخفض بحسب الوضع الأمني فلكما زادت الخطورة زادة الأسعار، وبمتوسط عام فإن يومية العامل قد تصل إلى مئة دولار أو أكثر بحسب ساعات عمله في اليوم الواحد،  ..وتلزم الحكومة مالكي هذه الأنفاق بدفع تعويض يقدر بــ25 ألف دينار أردني لضحايا الأنفاق الذين لا تزيد أعمارهم عن 16 عاما،  ويطر الكثيرين للمخاطرة بالمكوث ساعات طويلة تحت الأرض للحصول على لقمة العيش، لكن المئات قتلوا خنقا أو نتيجة انهيارات في هذه الأنفاق.

وقال الكاتب "محسن أبو رمضان" في دراسة أعدها، إن عملية الاستيراد اليومي عبر الأنفاق تقدر بحوالي 40 مليون دولار شهرياً أي بحوالي 480 مليون دولار سنوياً. ويتقاضى من يقوم بحفر الأنفاق 100 دولار مقابل كل متر بحيث تراوح أطوالها بحسب مساحة التواصل بين الجانب المصري والفلسطيني ففي بعض الأحيان قد يصل طول النفق أكثر من كيلو متر، ويحتاج العمال  4 أشهر لحفر نفق طوله 600 متر.

أعلى