البيان/القدس: حذّرت صحيفة "جيروزالِم بوست" العبرية من موجة هجرة غير مسبوقة يشهدها المجتمع الصهيوني، ووصفتها بأنها "تسونامي من المغادرين" يمثل صدمة تتجاوز الإحصاءات، ويعكس تصدعات استراتيجية واقتصادية ومعنوية داخل الدولة العبرية.
وفي افتتاحيتها الصادرة الأحد، قالت الصحيفة إن أعداد الصهاينة الذين يغادرون البلاد في ارتفاع قياسي، في حين تتراجع وتيرة الهجرة إلى الدولة لعبرية بعد الطفرة التي أعقبت الحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى أن الظاهرة تشكل اختبارًا مباشرًا للعقد الاجتماعي الصهيوني.
ووفق تقارير عُرضت مؤخرًا على الكنيست، فإن عشرات الآلاف من المواطنين يقضون فترات طويلة خارج البلاد، مع تراجع في عدد العائدين، في وقت حذّر فيه نواب من تحول هذه الظاهرة إلى اتجاه اجتماعي واسع يهدد التوازن الديموغرافي.
وتساءلت الصحيفة: "لماذا الآن؟" لتجيب بأن السبب يعود إلى الصدمة الناتجة عن هجمات السابع من أكتوبر وحرب غزة، إضافة إلى الاستقطاب السياسي الداخلي، وتدهور الأوضاع المعيشية، وارتفاع تكاليف السكن والرهون العقارية، ما دفع كثيرين إلى التفكير في مستقبلهم خارج البلاد.
ورغم بقاء الدولة العبرية قوة تكنولوجية عالمية، حذّرت الصحيفة من أن هجرة الكفاءات في قطاع التكنولوجيا آخذة بالازدياد، مستندة إلى تقرير لـ"هيئة الابتكار الإسرائيلية" دعا الحكومة إلى تقديم حوافز للعائدين واستقرار بيئة الأعمال.
ووصفت الافتتاحية الصورة الاقتصادية بأنها "مختلطة"، إذ تبدو فرص العمل والمستقبل المعيشي أكثر جاذبية في الخارج بالنسبة للأسر الشابة، بينما تتزايد المخاطر في الداخل.
وفي الجانب الروحي، أشارت الصحيفة إلى أن "أرض إسرائيل ليست مجرد قطعة جغرافية بل جزء من العهد التوراتي"، معتبرة أن رحيل الصهاينة يحمل مخاطر ديموغرافية وروحية، لأنه يضعف الرابط الرمزي بين الشعب والأرض.
وختمت الصحيفة بأن "الرحيل ليس خيانة، لكنه يعبّر عن أزمة ثقة متنامية"، مضيفة أن هجرة الشباب المتعلم – الذين يمثلون عماد الابتكار والتعليم والدفاع – تؤدي إلى خسارة مادية ورمزية تمسّ الطبقة الوسطى الصهيونية، وهي الطبقة التي يُفترض أن تحمل عملية التعافي والإصلاح في البلاد.