الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:
مع صدور العدد 400 يكون عمر المجلة قد بلغ خمسة وثلاثين عاماً توالت فيها الأحداثُ وتغيرت خلالها صورةُ العالم. فمع سقوط الاتحاد السوفييتي في القرن الماضي مرَّ العالم بمرحلة سوداءَ من التاريخ تتمثل في تفرُّدِ أمريكا بالزعامةِ وإيغالِها في إثارة النـزاعات من أجل إحكام السيطرة على المعمورة، ونال العالمَ الاسلاميَّ كثيـرٌ من الأذى؛ فقد احتُلَّت فيها أفغانستان والعراق، وعُبِثَ فيها بسوريا والسودان، والكيدُ ما يزال لإحكام السيطرة على حكومات البلدان الأخرى من أجل إفشالها... وما نشهده حاليّاً هو تخبُّط خُططِ أمريكا مع بروز لاعبين جـدد في الساحة الدولية وما يصاحب ذلك من تعقُّد الصراعات وتشابكها؛ وهو ما يعني أن العمل الإعلامي الإسلامي ضروري إذ يقع على عاتقه عبء كبير في متابعة الأحداث وتنوير الأمة والمساهمة في تجاوزها لعقبات الضعف والخضوع والجهل والسلبية، وكذلك تنشيط الأمة ودفعها للفخر بموروثها ومحاولة استعادة دورها في هذا العالم. وذلك عمل ضخمٌ صعبٌ؛ إذ النوازل متتالية ومن ثَمَّ تقتضي المعالجةُ الخوضَ في فقه النوازل وتربية النوازل وسياسة النوازل... ولذا كان التركيز في الأعداد الأُولَى للمجلة على التأصيل الشرعي وبناء الأسس التي قامت عليها السياسة التحريرية، وعندما نعود إلى الوراء ونستعرض شريط الذكريات تخنقنا العَبَرات ونذكر بالخير وندعو لكل مَن ساهم في بناء هذا الصرح بدءاً من الفكرة إلى التنفيذ والإدارة، ولكل من ساهم بكتابةٍ أو نُصْحٍ، وهم جمعٌ غفيرٌ، منهم من توفاه الله ومنهم من حالت بيننا وبينهم صروف الزمان... لهم جميعاً منَّا كل الحب والتقـدير واللهَ نسألُ أن يجعل ما قدموا في ميزان أعمالهم وأن يختم بالحسنات أعمالنا وأعمالهم.