البيان/وكالات: في تطور ميداني يعكس تحولات صامتة في المشهد السوري، نفذت القوات الأمريكية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية السورية عملية نوعية في منطقة معضمية القلمون بريف دمشق، أفضت إلى اعتقال عضو بارز في تنظيم "داعش". ورغم عدم إعلان واشنطن أو دمشق رسميًا عن تفاصيل العملية، فإن هذا الحدث يشكل بحسب مراقبين علامة فارقة في مسار العلاقة الأمنية بين الطرفين.
العملية الأخيرة هي الخامسة من نوعها التي تشهد تنسيقًا غير معلن بين الولايات المتحدة والحكومة السورية، وهو تنسيق تحرص واشنطن على إبقائه في الظل لأسباب سياسية، فيما تسعى دمشق لاستثماره في تحسين موقعها التفاوضي. هذا ما لمح إليه المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك بقوله: “سوريا عادت إلى صفنا”.
القيادة السورية تعمل، بحسب مصادر سياسية، على إرسال إشارة واضحة إلى واشنطن مفادها أنها قادرة على لعب دور مباشر في مكافحة تنظيم "داعش"، بل والحلول مكان قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في هذه المهمة الحساسة. هذه الرغبة تأتي في سياق محاولات متكررة من دمشق للانضمام رسميًا إلى “التحالف الدولي” لمحاربة التنظيم، وإعادة ترتيب خريطة السيطرة الأمنية في الشرق السوري بما يضمن بسط نفوذ الحكومة المركزية.
تنظيم "داعش"، الذي استشعر هذا التحول، صعّد عملياته في مناطق سيطرة الحكومة الانتقالية، بدءًا من دير الزور حيث استهدف مبيتا عسكريًا ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من العسكريين، مرورًا بهجمات في حلب والميادين. هذا التصعيد يبدو وكأنه محاولة استباقية لإرباك أي تقارب أميركي – سوري، واستغلال التباين بين دمشق و"قسد" لخلق فراغ أمني.
وفي تفاصيل هذا المشهد، هناك صراع غير معلن على من يتولى ملف محاربة "داعش" داخل سوريا. فدمشق ترى نفسها صاحبة الشرعية والسيادة، وقسد تريد الحفاظ على موقعها الأمني والسياسي، وواشنطن تبحث عن صيغة تضمن استمرار احتواء التنظيم دون كسر تحالفاتها.أما "داعش"، فيستغل هذا التزاحم لإعادة التموضع وتصعيد هجماته في المناطق الرمادية، حيث التنسيق بين الأطراف ضعيف أو هش.