البيان/صحف: في لحظة تتقاطع فيها التحولات الاقتصادية مع الصراعات الجيوسياسية، تستعد إسطنبول لاحتضان المنتدى الاقتصادي الأوراسي الثامن عشر "فيرونا"، في 30 و31 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تحت شعار "طاقة جديدة لواقع اقتصادي جديد".
الحدث، الذي يجمع أكثر من ألف مشارك من أكثر من ثلاثين دولة، يُتوقع أن يشكّل محطة جديدة في محاولات إعادة تنشيط الحوار بين رجال الأعمال الروس والأوروبيين بعد أعوام من الجمود والانقسام نتيجة الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية.
يأتي اختيار إسطنبول كمكان للمنتدى ليحمل دلالات تتجاوز الطابع اللوجستي. فتركيا، الدولة الواقعة على تقاطع آسيا وأوروبا، تبدو اليوم منصة وسيطة تجمع أطرافًا متباينة المصالح ولكنها متحدة في الحاجة إلى بناء واقع اقتصادي أكثر مرونة واستقلالًا عن الانقسامات السياسية التقليدية.
كما أن انعقاد المنتدى في قصر "تشيراغان" التاريخي يضيف بعدًا رمزيًا يوحي بعودة الحوار من بوابة التاريخ والجغرافيا، لا من قنوات الدبلوماسية الرسمية.وفق تقرير الكاتب فاليري تشوماكوف في صحيفة كومسومولسكايا برافدا الروسية، فإن المنتدى سيسعى هذا العام إلى معالجة قضايا محورية تمتد من الابتكار في الطاقة والصناعة، إلى التمويل والنقل والزراعة والتقنيات الرقمية. غير أن المضمون الأعمق للحدث يتمثل في إعادة رسم ملامح التعاون الأوراسي في ظل العقوبات والعزلة الاقتصادية المفروضة على موسكو، ومحاولات روسيا بناء "اقتصاد موازٍ" مع دول الشرق والجنوب العالمي.
وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن شعار المنتدى "طاقة جديدة لواقع اقتصادي جديد" يحمل أبعادًا مزدوجة: فمن جهة، يشير إلى الحاجة لتطوير مصادر الطاقة البديلة والتقنيات الحديثة التي تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي بعد أزمة الطاقة الأوروبية؛ ومن جهة أخرى، يعكس محاولة لإيجاد طاقة سياسية جديدة لتجاوز الانقسامات التي فجّرتها الحرب الأوكرانية.
أنطونيو فاليكو، رئيس جمعية "كونويسور أوراسيا" وأحد منظمي المنتدى، شدّد في تصريحات نقلتها الصحيفة على أن الهدف ليس "تغيير العالم أو حل جميع المشاكل"، بل "إبراز نهج بنّاء وتمهيد الطريق لتعاون اقتصادي يراعي مصالح جميع الأطراف". غير أن هذا الخطاب المتوازن يبدو في عمقه تعبيرًا عن طموح روسي لإعادة الانخراط التدريجي في الاقتصاد الأوروبي عبر بوابة القطاع الخاص، في وقت لا تزال فيه القنوات السياسية الرسمية مغلقة تقريبًا.