• - الموافق2025/10/29م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
معركة نيويورك تكشف حدود التسامح في الديمقراطية الأمريكية

تشهد مدينة نيويورك واحدة من أكثر الحملات الانتخابية سخونة وإثارة للجدل في تاريخها الحديث، حيث يتعرض المرشح التقدمي زوهران ممداني، عضو مجلس ولاية نيويورك والمرشح لمنصب عمدة المدينة، لهجوم واسع من تحالف يضم جماعات يمينية

 

اليبان/وكالات: تشهد مدينة نيويورك واحدة من أكثر الحملات الانتخابية سخونة وإثارة للجدل في تاريخها الحديث، حيث يتعرض المرشح التقدمي زوهران ممداني، عضو مجلس ولاية نيويورك والمرشح لمنصب عمدة المدينة، لهجوم واسع من تحالف يضم جماعات يمينية ومحافظين ولوبيات مؤيدة للدولة العبرية وناشطين معروفين بخطابهم العنصري والمعادي للمسلمين. وتأتي هذه الحملة المكثفة قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات المقررة في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، في وقت تُظهر فيه استطلاعات الرأي تقدماً واضحاً لممداني على منافسيه من الجناح الديمقراطي التقليدي.

ممداني، المولود في أوغندا لأبوين من أصل هندي ونشأ في نيويورك، يُعد أحد أبرز وجوه التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، ويخوض حملته ببرنامج يركز على تجميد الإيجارات وتخفيض أسعار النقل وتوسيع برامج الرعاية الاجتماعية، إلى جانب مواقفه المؤيدة لحقوق الفلسطينيين ودعمه لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على الدولة العبرية ،ما جعله هدفاً مباشراً لهجوم من جماعات الضغط الموالية لتل أبيب ووسائل الإعلام اليمينية التي وصفته بـ"المعاد للسامية"، فيما أكد هو أن مواقفه تنطلق من مبادئ العدالة والمساواة.

ومنذ فوزه في الانتخابات التمهيدية الصيف الماضي، رصدت منظمات حقوقية ارتفاعاً غير مسبوق في الخطاب العدائي ضده على الإنترنت وفي وسائل الإعلام المحافظة، حيث أشار تقرير صادر عن مركز دراسة الكراهية المنظمة في واشنطن إلى ارتفاع منشورات الكراهية الموجهة إليه بنسبة 400% خلال شهر واحد، تضمنت عبارات تربط بين ديانته والإرهاب أو "عدم الولاء لأمريكا". وازدادت حدة الهجمات مع تصريحات للنائب الجمهوري آندي أوغلز الذي دعا إلى ترحيله واعتبره "اشتراكياً شيوعياً معادياً للسامية"، فيما أثار حاكم نيويورك السابق أندرو كومو موجة استنكار واسعة بعد أن ضحك في مقابلة إذاعية عندما سُئل مازحاً إن كان انتخاب ممداني قد يؤدي إلى "تكرار 11 أيلول"، في تعليق اعتبره مراقبون عنصرياً ومهيناً. كما نشرت الناشطة اليمينية المتطرفة لورا لومر منشورات عدائية وصفت فيها ممداني بـ"الجهادي"، وربطت ترشحه بأحداث 11 أيلول في محاولة للتحريض ضده، فيما قال المرشح التقدمي إنه تلقى رسائل تهديد مباشرة، منها عبارة "المسلم الصالح هو المسلم الميت".

وتُظهر الحملة الانتخابية الحالية توظيف السياسة الخارجية، ولا سيما الموقف من الصراع الفلسطيني الصهيوني، كسلاح سياسي في معركة محلية، إذ أطلقت جماعات ضغط مؤيدة للدولة العبرية حملات إعلانية تحذر من أن فوز ممداني سيؤدي إلى "إضعاف العلاقات مع إسرائيل" و"تشجيع التطرف المعادي لليهود"، في محاولة لتحويل النقاش العام من القضايا المعيشية إلى الانقسامات الدينية والعرقية. ويقول محللون إن التحالف المناهض لممداني يجمع بين جماعات محافظة تخشى سياساته الاقتصادية التقدمية ولوبيات مالية مؤيدة للدولة العبرية وإعلام يميني يوظف خطاب الخوف من الإسلام والمهاجرين لتعبئة الناخبين البيض، ما يجعل هذه المواجهة تعبيراً عن صراع أوسع بين التيار التقدمي الصاعد واليمين الشعبوي المتنامي في الولايات المتحدة.

ووفق تقارير إعلامية، أنفق ثلاثة من أبرز الممولين المقربين من اللوبي الصهيوني في أمريكا، وهم رون لاودر وبيل إيكمان ومايك بلومبيرغ، أكثر من 20 مليون دولار خلال الأسبوعين الأخيرين قبل الانتخابات لهزيمة ممداني، إلا أن استطلاعات الرأي ما زالت تشير إلى تقدمه بشكل مريح على منافسيه، مع تأييد لافت من قطاعات واسعة من الناخبين، بينهم عدد كبير من اليهود الأميركيين في المدينة الذين صوت معظمهم له في الانتخابات التمهيدية.

ويرى مراقبون أن الحملة ضد زوهران ممداني تمثل اختباراً حقيقياً لقدرة المجتمع الأميركي على قبول التنوع الديني والسياسي في أعلى المناصب العامة، وتعكس حدود التسامح داخل الحزب الديمقراطي حين يتعلق الأمر بالمسلمين والعرب، خصوصاً إذا تبنوا مواقف ناقدة للسياسات الصهيونية. كما تطرح هذه المعركة سؤالاً جوهرياً حول مستقبل الليبرالية في أمريكا: هل يمكن لمسلم مهاجر، أسود البشرة ومن أصول آسيوية، أن يصبح عمدة أكبر مدينة في الولايات المتحدة دون أن يُحاكم على هويته الدينية؟ ورغم الضغوط والتهديدات، يبدو أن ممداني، بصموده وتقدمه في استطلاعات الرأي، أصبح رمزاً لجيل جديد من السياسيين الذين يسعون لإعادة تعريف مفاهيم المواطنة والعدالة والمساواة في بلد لا يزال يواجه ظلال العنصرية والخوف من الآخر.

 

أعلى